الكاتب : سها مصطفى

عذرا من الجميع فنحن لانقصد جمعتهم وانما جمعة الآخرين...مهما بلغت تسميتها فهي باتت مدخلا للاستياء في شوارع فارغة، في ذلك اليوم المشؤوم الذي تحول من يوم للعبادة الى يوم للقنص والرصاص، يوم تختلط فيه الاوراق وتتبعثر فيه الاتجاهات وتتشرذم، يوم انفض فيه بعض من المصلين عن الجوامع، وابتعدوا عنها مكره أخاك لا بطل تحسبا لأي طارىء.

يوم تسمر فيه بعض السوريون أمام شاشات التلفزة، شوارع دمشق لاتزال هادئة بعيدة عن البؤر المشتعلة، دمشق وحلب ترجحان كفة الاستقرار في سوريا، في حي المهاجرين الدمشقي العتيق صباح يوم الجمعة هادىء، يجري بوتيرة اعتيادية مابين اناس احتلوا أطراف البقاليات والبسطات الشعبية، وآخرون يحثون خطاهم نحو الجوامع، اللحظات القليلة التي تفصل عن صلاة الجماعة تبدو مليئة بالتوجس والريبة.

عمر أحد المصلين المنفضين عن الجوامع في ظل الظروف الطارئة، يقول’فضلت عدم الذهاب للجامع للصلاة لانني لا اعلم مايمكن ان يحدث بعد الصلاة، واخشى وجود مسلحين في الجامع بخاصة انني اصطحب معي طفلي’، يضيف’بتنا نخشى التوجه للجوامع’.

أما مجيب فبات شغله الشاغل التجول في شوارع المدينة والصلاة في مختلف الجوامع’، وهذا ليس فقط بحكم عمله كسائق سيارة أجرة وانما من باب الفضول، يقول’لاشيء يحدث في شوارع دمشق كلها آمنة ريفا ومدينة تجولت بها قادما من عربين لاشيء يخيف لكن الناس باتت اكثر حذرا’.

على طول طريق شارع بغداد قبب الجوامع السورية لاتخلو من روادها، داخل دمشق آمن هكذا يقول المصلون، أحدهم بشير.. يقول’يوم الجمعة هو يوم للنقاهة وليس للعمل وافضل قضاء وقتي مع خطيبتي وليس في أي مكان آخر’.

في اللاذقية فضل الشبان تجنب التجول يوم الجمعة، فهو يوم للمفاجآت وترقب للاحداث في ثورات اسلاموية تتلطى خلف حجب سلمية ممارسة تقية السلاح، فيما آخرون فضلوا متابعة تلك الجمعات التي حملت مسميات مختلفة من الحرائر والسرائر والسبايا عبر شاشة افتراضية، متمترسين كل على محطاتهم المفضلة، وتحت يافطة الرأي والرأي الآخر متابعين جميع المحطات على حد تعبيرهم، لكنهم لن يصدقوا الا محطاتهم المستوردة بأسمائها الشهيرة، لفضائيات تقدم آراء وتقارير جاهزة من مجاهل ليبيا وجبال اليمن على أنها قادمة طازجة من فرن التحرير، فيما فضل آخرون الاحتكام لفيديوهات اليوتيوب المفبركة سلفا وعلانية، فهي تتضمن حق التعليق بأقذع الشتائم وهي الحرية الافتراضية التي كان البعض ينتظرها...وظن أنها حرية...!

حرية بتنا في ظلها لا نملك اقله حرية التجول!