الكاتب : حسان عبه جي

فيما ابتعدت ذكرى النكبة فإن العودة للحدث السوري باتت نقط التقاء معظم وكالات الأنباء والمحطات التلفزيونية، وتم التركيز على مسألة وادي خالد وما سمي بعملية النزوح، في وقت يتم فيه الحديث عن عملية أمنية واسعة في محيط تلكلخ حيث أصدر الجيش أمس بيانا تحدث عن إصابة خمسة عشر من الجيش وعناصر الجيش، كما أوضح أنه ألقى القبض على بعض المطلوبين.

عمليا فإن التركيز الإعلامي الذي اتجه نحو العملية الأمنية، حاول أيضا ومن جانب الحدود اللبنانية رصد ما يجري وعلى الأخص "النزوح" الذي يبدو أنه بقي محصورا بعائلات محددة على الأخص أن تلك المنطقة يمكن اعتبارها متداخلة سكانيا، لكن التطور الذي بقي عالقا نتيجة الأحداث في اليومين الأخيرين ما بين الجولان وتلكلخ هو الحركة السياسية التي نشطت الأسبوع الماضي، وبلورت على ما يبدو خطوة أولى باتجاه "الحوار الوطني" الذي يتم الحديث عنه على أنه مقدمة لأي عملية سياسية قادمة، والملاحظ وفق المؤشرات أمرين:

أولا - اعتبار هذا الحوار الأساس الذي يمكن أن تجري داخله الإصلاحات، وذلك بناء على تجربة بدأت مع "حركة الاحتجاج الحالية"، حيث اتضح أن مسألة الإصلاح تحتاج إلى بيئة جديدة حتى يتم التعامل معها، فإلغاء حالة الطوارئ على سبيل المثال لم يؤد إلى حراك جديد، فالإصلاحات التي قدمتها الدولة اصطدمت بواقع التشابك وربما بتحول بعض الاحتجاجات إلى تحرك مسلح كما حصل في بانياس.

الثاني - هو شكل الحوار الذي يدخل ضمن احتمالات رعاية الدولة، أو التعامل معه كشكل مستقل بينما يشارك حزب البعث فيه كطرف، لكن التصورين مازالا مجرد أفكار، فالمصادر الرسمية لم تتحدث حتى اللحظة عن أي شكل أو إطار لهذا الحوار، وربما تطرح الاتصالات الحالية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام نوعا من تجميع الأفكار والمبادرات التي تم تقديها خلال الأسابيع الماضية.

في نفس الوقت فإن لقاءات الرئيس بشار الأسد مستمرة مع الوفود الشعبية، حيث التقى أمس وفدا من أهالي درعا، ويشكل هذا الحوار مع الوفود مناخا مختلفا ربما يتجه نحو مسألة الحوار الوطني، على الأخص أن وجود أحزاب متكاملة وببرامج وتصورات واضحة هو أمر صعب في الفترة الزمنية المتاحة لبدء الحوار، بينما يطمح البعض إلى جعله حوارا موسعا، وهو ما يضع إشكالية البحث عن أطراف هذا "الحوار الوطني"في دائرة معقدة أو مركبة، لكن الواضح أن الانطلاق به يملك غايات أساسية وربما أهمها هو الوصول إلى الانتخابات التشريعية ببنية سياسية مختلفة، وإذا كان الزمن لا يتسع لبلورة أحزاب واتجاهات واضحة، فإن أي حوار سيقدم على الأقل مشهدا لنوعية القوى السياسية القادمة، وربما تمثيلها في الانتخابات التشريعية القادمة حتى ولو لم تكن الأحزاب جاهزة بعد لتقديم برامجها الانتخابية.