الكاتب : سورية الغد

رغم أن نوعية ((التظاهرات)) تبدلت بشكل نوعي خلال الأسبوعين الماضيين، فإن ما أطلق عليه ((جمعة أزادي)) اتسمت بأعمال شغب لتسجل على الخارطة السورية مناطق جديدة كانت حتى يوم الخميس تعتبر من المدن الهادئة كما حدث في أدلب أمس، وتأتي هذه التطورات في وقت بث فيه التلفزيون اعترافات لمجموعة مسلحة تم القبض عليها في منطقة ((الضمير)) في ريف دمشق، وتشير الاعترافات إلى اتصالات وعمليات تسلح وتخطيط للقياlم بالتخريب، وكان اللافت أمس أيضا هو بيان وزارة الداخلية الذي قدم حصيلة لأعمال العنف من المدنيين والعسكريين، وذلك في إشارة لجهة تستهدف الطرفين معا دون تفريق.

وتأتي جمعة "أزادي" أو الحرية بعد يوم واحد من خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي تحدث فيه عن الشرق الأوسط وخص سورية ببعض الجمل المتعلقة، في وقت استبعدت فيه وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون "فرض مزيد من العقوبات على سوريا"، وأضافت في مقابلة مع شبكة سي بي أس أن الرئيس السوري بشار الأسد قال الكثير من الأمور التي لم تسمعها واشنطن من زعماء آخرين في المنطقة حول نوع التغييرات التي تريد رؤيتها.

عمليا فإن المشهد السوري ظهر أمس وفق سياق إعلامي فقط، حيث تم تجاوز الحديث عن مسألة الحوار الوطني من قبل بعض الفضائيات، وربما على العكس سعى عدد منها لإبراز لا فتات داخل التظاهر ترفض الحوار وتعتبره غير ممكن، وهو ما يطرح سؤال عن المسار الذي يمكن أن تتخذه الاحتجاجات، رغم أنها لا تحمل كما عدديا، في المستقبل وهل يمكن ان يعلن البعض عن مقاطعته لأي حوار؟!

هذا السؤال هو المطلوب حاليا حسب بعض التقارير، فالجدل بالنسبة لـ"مشروعية" الحوار هو المساحة التي تسعى بعض التيارات للدخول فيها، وذلك لنقل مسألة الحوار إلى أزمة سياسية جديدة، وهو ما يدفع إلى ظهور احتمالين أساسيين في أي شكل للقاءات السياسية السورية المستقبلية:

الأول هو اعتبار الحوار الوطني خطا فاصلا في مسألة "شرعية" النظام السياسي، حيث يمكن أن يفتح مجالا واسعا للجدل بين أطياف المجتمع و نوعية "السلطة السياسية القائمة" وصولا إلى الرفض لها أو حتى اعتبارها خارج هذا الحوار.

الثاني طرح إمكانية فشل "الحوار" وإيجاد طرف يكون مسؤولا سلفا عن الفشل، وهو ما يدفع اليوم التحرك الرسمي في سورية إلى البحث جديا حول الأطراف المشاركة أو نوعية التمثيل أو حتى الأهداف النهائية لمثل هذا الحوار.

بالتأكيد فإن الخطوة القادمة التي تعتبر بمثابة إعادة تأسيس للحياة السياسية عبر الحوار الوطني؛ لا تملك أجندة واحدة بالنسبة للجميع، وتأتي التظاهرات يوم الجمعة بما يتخللها من حوادث أمنية لتضع فكرة الحوار الوطني على محك الاختبار الحقيقي، حيث يبدو أن إقناع "المتظاهرين" على وضع نزولهم إلى الشارع ضمن برنامج سياسي شامل هو أمر مستحيل، مع التذكير أن هذا النزول يحمل سمة إعلامية بالدرجة الأولى حيث يتم رصده سريعا، وترتيبه ضمن التركيز على الحدث السوري، وفي المقابل فإن "الحوادث الأمنية" التي ترتكز أساسا إلى الشغب ومهاجمة مؤسسات الدولة وصولا إلى إطلاق النار، يدفع للاعتقاد بأن أي حوار قادم ربما سيواجه تحدي خاص مرتبط بحركة التظاهر التي لم تقدم حتى الآن موقعا حقيقيا من أي عملية سياسية قادمة، فالنتائج السياسية القادمة ستكون متأثرة بعامل مازال مجهولا حتى اللحظة ومرتبط بحركة على الأرض محدودة ولكنها استعراضية وتتحدى أي تحرك سياسي.