الكاتب : سها مصطفى

يعتبر حزب البعث الاعلى ارقاما لجهة قواعده الحزبية وكوادره التي تتمفصل في مختلف المؤسسات والوزارات، ساهم في ذلك مجموعة من الإجراءات، لعل اشهرها ما ظهر في أوائل الثمانينات وربط مابين متابعة التعليم العالي ’الدراسات العليا’ والانتساب لحزب البعث، أو تسهيل التوظيف لمنتسبي الحزب.

الإجراءات السالفة وليدة ظرف تاريخي سابق يعود الى عام 1970، بعد أن جاء الامين القطري لحزب البعث الرئيس الراحل حافظ الاسد بتحرك من داخل حزب البعث، وهو ما يعرف بأدبيات الحزب "الحركة التصحيحية"، حيث تم صياغة دستور دائم منسجم مع رؤية الحزب في تلك المرحلة ومتوافق مع اهدافه ومع تواجده كحزب حاكم، كان ابرز مفاعيلها المادة الثامنة من الدستور الناصة على أن حزب البعث القائد للدولة والمجتمع.

اليوم المادة الثامنة موضع سجال بين المعارضة، التي ترى أن الحكومة السورية لن تقوم بتعديلها دون تغيير واضح في قاعدة التمثيل داخل مجلس الشعب وهو ما تحدث عنه الأمين القطري المساعد محمد بخيتان، فهذا الموضوع حسب رأيه يحتاج لتعديل دستوري ينطلق أساسا من الأغلبية داخل المجلس التي تستطيع إقرار أي تعديل دستوري، والبعثيون يؤكدون ان ’الاصلاحات التي اطلقتها الحكومة فاق سقف المعارضة، وان القرارات الملزمة بالانتساب للحزب أساءت للحزب بتضمين كوادره مرتزقة لاتؤمن بفكر الحزب ومبادئه’.

يعقوب كرو’الحزب الشيوعي السوري_ جناح الفيصل’ يبين انه مادام حزب البعث يمتلك عددا كبيرا لجهة اعضاءه، عليه الا يخشى من تعديل المادة’، ويقول’عندما تحدث انتخابات حقيقية سيأخذوا أكثرية أن كان فعلا المنتسبين للحزب بعثيين’، كرو الذي لا يتحدث باسم الحزب يضيف’هذا يكون خطوة على طريق الاصلاح السياسي ودونها لايوجد اصلاح سياسي حقيقي، انا من انصار وجود اصلاح سياسي متدرج ومتواصل، هذا لمصلحة الوطن وسمعته ضروري وهام، واتمنى ان تلغى هذه المادة، لانه بما ان حزب البعث لديه العديد من المنتسبين له سيتخلص بخطوة كهذه من الانتهازيين، وحتى بتجربتنا الاحزاب الشيوعية التي استفادت من احزاب وحركات التحرر الوطني بما فيها حزب البعث، يمكن أخذ التجارب منها مثلا لينين عندما حدثت الثورة اوقف الانتساب للحزب لانه بعد الثورة الانتساب سيكون فقط من الانتهازيين’.

ويقول’ ان رفعت هذه المادة سيأتي لحزب البعث المؤمنين بفكره ومبادئه، وهذا افضل ويكون مقياس لمدى شعبية الحزب الحقيقية، وفي الوقت عينه يفتح المجال لقوى يمكن ان تظهر من شباب وغيرهم، والاحزاب كلها تحتاج لاعادة النظر والافادة من هذه التجربة، هذه الحركات الثورية في البلدان العربية تجعلنا نقول ليس الانظمة فقط مدعوة لأن تستفيد منها وانما ايضا الاحزاب في الانظمة وخارجها، لانها فوجئت بهذه الحركة وكانت بشكل او بآخر لحد ما معزولة عن المجتمع’.

فيما صرح في لقاء حواري مع الكوادر العلمية والحزبية والإدارية في جامعة دمشق عن محمد سعيد بخيتان الامين القطري المساعد لحزب البعث بسوريا أن تعديل أي مادة في الدستور ’ من اختصاص مجلس الشعب ’ الذي يستأثر حزب البعث بأكثر من نصف مقاعده (126 مقعدا من إجمالي 250) بينما تملك أحزاب الجبهة مجتمعة 41 مقعدا والمستقلين 83. بدورها نهلة العيسى’نائبة رئيس كلية الاعلام’ ترفض من البداية معالجة التعديل من منطلق المكتسبات التي سيخسرها البعثيون، وتقول’ماهي هذه المكتسبات؟ هذا الكلام غير صحيح لان البعث من عام 2005 لا يتدخل بتفاصيل الحياة العامة بشكل مباشر أو تفصيلي، وهو يتدخل بالرؤية العامة والاستراتيجيات العامة’.

تضيف’عندما يطرح قانون للاحزاب ستطرح حكما وضمنا المادة 8 من الدستور للتعديل، وقانون احزاب اي تداول سلطة، مايعني انهاء المادة 8 من الدستور، وكل الكلام عن عدم التعديل هو كلام عوام لا تدرك ماهية التغييرات التي بدأت’.

فيما يرى أحمد الحاج علي ’محلل سياسي’ أن التعديل مهمة لا يمكن للحكومة القيام بها، ويقول حاج علي الذي يعد من مؤيدي التعديل’التعديل يحتاج لموافقة كل تنظيم حزب البعث، وسعني ذلك جملة من التحولات النوعية التي لم نألفها منذ عقود، بمعنى أن هناك دور الحزب لكونه يشكل الاغلبية في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، وله الاغلبية في الوزارات رغم التعديل الأخير ووضع حقائب للمستقلين’.

غير أن للتعديل منظور آخر لجهة علاقة الحزب بالسلطة، يقول علي’هذه مسألة ارهقت الحزب وتنظيمه، والتعديل بالنسبة لبعض البعثيين يعد مسألة صعبة من منظور انهم ربما سيفقدون ادوارهم وامتيازاتهم’، ويرى أن القواعد البعثية متنورة وعليه فهي لن ترفض اعادة النظر في المادة الثامنة، لكنه يتوقع ممانعة من القيادات’.

الاسئلة السابقة تبدو مجرد تخمينات وحتى التعديل يبدو بسيطا بالمقارنة مابين ارقام كوادر الاحزاب الأخرى وكوادر حزب البعث الذي بالنتيجة يمتلك النسب الأعلى حتى الآن، والتوقعات أن يكون الحزب السوري القومي الاجتماعي يمتلك امتدادا لا بأس به في الشارع السوري.

يقول حاج علي ’نتطلع لأن نكون قوة في الشارع وقيادته، ولا اعتقد أن هناك خطأ كبيرا وانما تعديلا في قضية بعض الامتيازات، التي ارتكست بشكل غير صحيح في المراحل السابقة، لان هناك من جذبه الحزب للوصول للسلطة، وهناك من دخل لاهداف شخصية، لذلك هناك تعديلات مهمة في الحزب وبنيته وعلاقته بالسلطة وبنية المجتمع السوري.

فيما يحسم المرحلة القادمة يعقوب كرو بالقول ’بالنسبة للجبهة يجب ان تكون موضع حوار وطني شامل اذا كان حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع التغيير سيطالها، لان المادة 8 تقول بقيادة الجبهة للمجتمع وتبوأ البعث سدة قيادة الدولة والمجتمع والجبهة، سيكون هناك احزاب جديدة او وجود ائتلافات اخرى متنوعة جديدة يمكن لبعض هذه الاحزاب التي تثبت انها موجودة على الساحة وعندها امكانيات يمكن ان تستمر ولبعضها ان يقوى ولبعضها الآخر ان يختفي، هذا لا نقرره نحن وانما الشارع حسب برامج هذه الاحزاب وكيف استفادت مماجرى، التغيرات الاخيرة ستشكل تغييرا في المجرى السياسي والمشهد السياسي في البلاد’.

واعتبر بخيتان أنه ’بالنسبة لإلغاء المادة الثامنة من الدستور، قلنا للمعارضين هناك صندوق اقتراع.. وإذا وصلتم للحكم وأصبحنا في المعارضة فألغوا المادة.. هناك أولويات أخرى غير إلغاء هذه المادة ’.

وحول الجدوى من إقرار قانون جديد للأحزاب مع الإبقاء على المادة الثامنة وعما إذا كان لدى القيادة نية في مناقشتها مستقبلا، قال بخيتان ’ تعديل مواد الدستور يحتاج اقتراحا من ثلثي أعضاء مجلس الشعب ثم يعرض التعديل على الاستفتاء العام في سوريا، وبعد انتخابات مجلس الشعب المقبلة يحق للمجلس الجديد النظر في الاقتراح بموافقة ثلثي أعضائه ’.

وأضاف بخيتان ’ هناك صندوق اقتراع وعندما يفوز الآخرون بالأكثرية يشكلون الحكومة ونكون نحن في الطرف الآخر وهذا هو تداول السلطة ’.