فيما تعهد المشاركون في اللقاء التشاوري الذي عقدته المعارضة السورية أمس على البقاء جزءاً من انتفاضة الشعب السوري السلمية في سبيل الحرية والديمقراطية التعددية، لتأسيس دولة ديموقراطية مدنية بصورة سلمية وآمنة. حددت هيئة الحوار الوطني 10 تموز المقبل موعدا للقاء التشاوري، الذي يعد للمؤتمر الوطني للحوار. في غضون ذلك، أوضحت مصادر دبلوماسية تركية، إن وزير الخارجية أحمد داود اوغلو سيقوم بزيارة إلى دمشق قريباً تستهدف ترميم العلاقات بين البلدين.

وتحت عنوان ’سوريا للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية’ شارك في اللقاء، أكثر من 200 شخصية من المعارضة السورية في الداخل ومثقفون سوريون، لبحث سبل الخروج من الأزمة التي تمر بها سوريا منذ اكثر من ثلاثة اشهر.

ومن بين المشاركين في اللقاء ميشيل كيلو وفايز سارة ولؤي حسين . ومن بين المثقفين المشاركين الشيخ جودت سعيد والروائي نبيل سليمان، والمخرج السوري محمد ملص ومأمون البني، إضافة إلى مشاركة عدد كبير من الأحزاب الكردية.

وتركزت غالبية النقاشات التي تمت خلال اللقاء على رفض الحل الأمني للازمة والاستماع إلى مطالب الشعب .

في الغضون، قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن هيئة الإشراف على الحوار الوطني حددت 10 تموز المقبل موعدا للقاء التشاوري، الذي يعد للمؤتمر الوطني للحوار، مشيرة إلى أن ذلك يأتي استنادا إلى الاقتناع بأنه ’لا بديل عن المعالجة السياسية للأزمة في سوريا’.

وأعرب المجتمعون في فندق سميراميس عن رفضهم ’اللجوء الى الخيار الامني لحل الازمة السياسية البنيوية العميقة التي تعاني منها سورية’ لمنع التدخل الاجنبي واعربوا عن ادانتهم لأي ’خطاب وسلوك يفرق بين السوريين على اساس طائفي او مذهبي او عرقي’.

كما أعلنوا في البيان الختامي لأعمال مؤتمرهم عن رفضهم ’اي دعوة للتدويل او التدخل الخارجي في شؤون سورية’، داعين الى تغليب ’مصلحة الوطن وحرية المواطن على كل مصلحة اخرى كي نتركه لنا وللأجيال القادمة وطنا حرا وديمقراطيا وآمنا وموحدا شعبا وأرضا’.

وبدأ اللقاء بالنشيد الوطني السوري ثم بدقيقة صمت على أرواح شهداء سورية’وسط
تغطية إعلامية مكثفة ووجود غير معلن لبعض الشخصيات المقربة من السلطة لم توجه لهم الدعوة للمشاركة.
وكان الكاتب لؤي حسين، استهل اللقاء، بالقول ’نحن نجتمع هنا لنقول قولا حرا لا سقف له ولا حدود سوى ما يمليه ضميرنا من مسؤولية تجاه شعبنا’. وأضاف إن ’كان راهننا مشوه الصورة فإن غدنا الذي لا نعرف ملامحه، والذي قد يكون أحد احتمالاته انهيار النظام السياسي، فإن علينا أن نعمل معا منذ الآن لما بعد غدنا كي نحول دون انهيار الدولة وانفراط المجتمع’. واعتبر أن طريقة تعامل السلطة مع ’الحراك التظاهري الاحتجاجي هي ليست أكثر من فعل يعاكس مسار التطور والتاريخ’.

بدوره، انتقد الكاتب المعارض ميشيل كيلو طريقة الدولة في معالجة الأزمة. وقال ’يريدون علاج الأزمة بالنتائج، ولا يرون الأسباب العميقة والجذرية لها’، مشيرا إلى إمكان اتخاذ السلطة مجموعة من الإجراءات التي يرى أنها لا تحتاج الى وقت، موضحا أن ’هناك مستوى من المطالب يمكن تطبيقه اليوم ولا يحتاج إلى جهد كبير، إذ يمكن أن يصدر اليوم اعتراف بإنشاء أحزاب لادينية ولاإتنية ولا تدعو للعنف والانقلاب، وذلك كجزء من عملية بناء الثقة، كما يمكن أن يصدر اليوم قرار بأن الدستور المنشود سيكون دستورا لنظام تعددي تمثيلي انتخابي وهذا يعني تجميد أو إلغاء المادة الثامنة من الدستور والتي تقول بأن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع’.

وأضاف كيلو ’أيضا يمكن إصدار قرار بإنشاء صحيفة للمعارضة يمكن أن تصدر خلال أسبوع’. وتابع إن ’القضاء يجب ألا يكون تابعا لوزير العدل ولا بد من إيجاد مرجع للقضاء في سوريا، بحيث يتم تعيين خمسة قضاة لديهم رئيس’.

وتطرق كيلو إلى الحالة الاقتصادية، قائلا ’عانينا من اقتصاد السوق الاجتماعي الذي زاد من نسبة السوريين الذين تحت خط الفقر، كما أسفر هذا النظام الاقتصادي عن تهجير الفلاحين من أراضيهم باتجاه المدن، وأدوا دورا كبيرا في التمرد الاجتماعي في سوريا’، موضحا أن ’النظام أبعد الطبقة الوسطى عن السياسة وأحل محلها أجهزته... النظام يجب أن يزول هيكليا، ولا بد من الإقلاع عن فكرة إنتاج المجتمع من السلطة، واعتماد السلطة التي تنتج من المجتمع’.

وحول التفاوض بين الحكومة والمعارضة، دعا كيلو إلى ’إيقاف الحل الأمني وإبقاء الجيش في مكانه من دون إطلاق نار على أحد، والسماح بالتظاهر السلمي بموافقة وزارة الداخلية لكل الناس’، مشيرا إلى أن من يمسكون بالحل الأمني يريدون تدمير سوريا. وقال لن أساهم بحوار مع النظام ما دام الحل الأمني موجودا ’ولو قطعوا رأسي’.

كما دعا كيلو إلى إطلاق سراح المعتقلين وإنهاء الاعتقال التعسفي، وإيجاد قناة موحدة للحوار لدى النظام والمعارضة. واعتبر أن طروحاته ليست شروطا بقدر ما هي بيئة للتفاوض، مشددا على ضرورة الاعتراف بوجود أزمة.

وغاب عن اللقاء عدد من شخصيات المعارضة البارزين في الداخل مثل رياض سيف وعارف دليلة وحازم نهار، كما أن إعلان دمشق لم يدع إلى اللقاء التشاوري.

داود أوغلــو يــزور ســوريا لترميم العلاقات بين البلدين

إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية تركية، أمس، إن وزير الخارجية أحمد داود اوغلو سيقوم بجولة تشمل كلا من سوريا وإيران والأردن والسعودية، موضحة أن زيارته الى دمشق تستهدف ترميم العلاقات بين البلدين.
وأوضحت المصادر أن الجولة تقررت عقب لقاء بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وداود اوغلو الجمعة الماضي، مشيرة إلى أنها تستهدف بحث التطورات التي تشهدها سوريا.

وأشارت المصادر بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى أن داود اوغلو سيؤكد خلال زيارته لسوريا على الرسائل ذاتها التي بعثت بها أنقرة إلى دمشق، والتي ’تطالب بضرورة الوقف الفوري لأعمال القمع والعنف ضد المحتجين على نظام الرئيس بشار الأسد وتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها بأسرع ما يمكن’. واعتبرت أن ’زيارة داود اوغلو إلى سوريا ستكون فرصة لترميم العلاقات بين البلدين التي توترت مؤخرا بسبب الانتقادات والاتهامات السورية لتركيا بمحاولة التدخل في شؤونها الداخلية’.

وكان مجلس الأمن القومي التركي قد أعلن في بيان بعد اجتماعه امس ، برئاسة الرئيس عبد الله غول في أنقرة، انه بحث التطورات الأخيرة في سوريا وليبيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكرر تأكيده على ’أهمية المطالب المحقة لشعوب المنطقة عبر تطبيق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وتغيير سياسي حقيقي يؤدي إلى ديموقراطيات حقيقية’.

وفي سياق الزيارات الدبلوماسية الغربية إلى دمشق، التقى الرئيس الأسد أمس مع نائبين، الأول أميركي هو دنيس كوسينيتش والثاني بريطاني من حزب المحافظين هو بروكس نيومارك، حيث وضع الأسد النائبين ’في صورة الأحداث التي تشهدها سوريا وخطوات الإصلاح الشامل التي تقوم بها’، مشددا على ’أهمية التمييز بين مطالب الناس المحقة التي تلبيها الدولة عبر المراسيم والقوانين التي أقرت وبين التنظيمات المسلحة التي تستغل هذه المطالب لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في البلاد’.

وأعرب كوسينيتش ونيومارك وفق وكالة سانا عن ’حرصهما على أمن سوريا واستقرارها الذي يعد ركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة’.