خصصت صحيفة “هآرتس” افتتاحيتها امس للتعليق على إنتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً للجمهورية الاسلامية الإيرانية. واعتبرت ان مجيء متشدد الى الرئاسة سيقوي الموقف الداعي الى تشديد الضغوط على النظام الإيراني لتغيير سياسته. ومما جاء في المقال:«انتخاب المحافظ محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران تطور اقليمي مهم، فمواقف نجاد قد تؤدي الى تأجيج العداوة بين ايران واسرائيل لكنها قد تشكل فرصة لزيادة الضغط على النظام من اجل تغيير سلوكه.

بالنسبة الى إسرائيل، كان طرد الشاه الايراني من السلطة عام 1979 بمثابة كارثة استراتيجية، فقد خسرت حليفاً مهماً في المنطقة واضطرت منذ ذلك الحين الى مواجهة نظام متشدد خطر يرفض الاعتراف بوجودها. تعتبر اسرائيل ايران خطراً أمنياً كبيراً بسبب عداوتها الشديدة لها وتأييدها حزب الله ومنظمات الارهاب الفلسطينية، وقبل كل شيء السعي الى انتاج سلاح ذري وصواريخ بعيدة المدى.

طوال سنين لاقت اسرائيل صعوبة في اقناع المجتمع الدولي بخطورة التهديد الايراني، الى ان بدأت تظهر تفاصيل عن النشاط الذري الايراني السري... الامر الذي حمل الولايات المتحدة على الاعلان أنها لن تسمح لإيران بإنتاج سلاح ذري، وطلبت من الدول الاوروبية الرئيسية مثل فرنسا والمانيا وبريطانيا البدء بمفاوضات مع طهران من اجل وقف البرنامج النووي الايراني. ولقد حققت المحادثات نجاحاً جزئياً: وافقت ايران على وقف تخصيب الاورانيوم لكنها تمسكت بحقها في معاودة ذلك. ولقد الح رئيس الحكومة ارييل شارون على الحكومات الغربية طرح الموضوع على مجلس الامن وفرض عقوبات على ايران.

في الغرب ساد جدل حول طريقة التعامل مع ايران. اثناء ولاية الرئيس محمد خاتمي كان هناك اهمية للموقف الداعي الى الحوار لأن ذلك من شأنه تقوية المعتدلين في ايران. ولكن خاتمي كان قليل التأثير وخيّب كل الذين توقعوا تغييراً داخليا في النظام، وشكل الحوار تغطية مريحة للحكام الحقيقيين بزعامة الزعيم الروحي علي خامنئي وساهم في التخفيف من صورتهم المتشددة وصوّرهم كمحاورين شرعيين.

انتخاب احمدي نجاد سيزيد حدة المشكلة المطروحة على العواصم الاوروبية فمن الصعب اعتباره شخصية معتدلة تحتاج الى تشجيع ودعم. وفور انتخابه تعهد مواصلة المشروع النووي وسخر من الولايات المتحدة وقال ان وجود اسرائيل غير شرعي.وهذه التصريحات قد يكون لها مغزى عملي مثل تعجيل المشروع النووي وتشجيع حزب الله على رفض تجريده من السلاح. وتتوقع اسرائيل ان تساهم هذه التصريحات في كشف وجه النظام الايراني ونياته وستساعد في تعبئة الرأي العام الدولي ضده... في رأي الديبلوماسيين الاوروبيين يجب الانتظار لمعرفة كيف سيتصرف نجاد لأن العقوبات القاسية قد تدفع ايران الى سلوك غير مسؤول. على اسرائيل مواصلة مسعاها الديبلوماسي لكبح التهديدات الايرانية ولكن عليها البقاء وراء الكواليس(...)».

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)