يتوجه اكثر من 32 مليون مصري اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم من بين عشرة متنافسين، حيث يتوقع على نطاق واسع فوز الرئيس الحالي حسني مبارك، في وقت لم تحسم فيه المعركة القانونية المستمرة حول "شرعية" بعض الإجراءات الخاصة بهذه الانتخابات، خصوصا استبعاد بعض القضاة من الإشراف عليها، بينما اكدت محكمة حكم منع مؤسسات المجتمع المدني من مراقبة الانتخابات.

فقد شهدت مصر معركة قضائية حاسمة في الساعات الاخيرة قبل فتح صناديق الاقتراع انتهت الى الغاء احكام صادرة عن محكمة القضاء الاداري كان من شأنها ان تلقي بشبهة البطلان على هذه الانتخابات ولكن كذلك بدعوة علنية غير مسبوقة من القضاء المصري الى تعديل المادة 76 من الدستور التي استحدثت نظام الانتخابات.

وقررت المحكمة الادارية العليا مساء امس الغاء حكمين لمحكمة القضاء الاداري (اول درجة) بوقف تنفيذ قرارين للجنة الانتخابات الرئاسية ودعت في الوقت ذاته "المشرع المصري" الى تعديل المادة 76 من الدستور بحيث تعود الى "المبادئ (الدستورية) المستقرة". وكان الحكمان يقضيان بتمكين منظمات المجتمع المدني من الاشراف على الانتخابات، خلافا لقرار لجنة الانتخابات، وباستبعاد احد المرشحين العشرة للانتخابات وهو وحيد الاقصري لوجود نزاع بينه وبين محمد صديق على رئاسة حزب مصر العربي الاشتراكي.

وقضت المحكمة بعدم "اختصاصها" بنظر هذه الدعاوى ولكنها "اهابت بالمشرع ان يعيد النظر بجدية في نص المادة 76 بحيث ترجع الى النص العام والمبادئ المستقرة في شأن عدم تحصين اي قرار اداري من رقابة القضاء العادي". وطبقا لتعديل المادة 76 من الدستور الذي اقر في ايار الماضي فان قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية محصنة من الطعن فيها "بأي طريقة وامام اي جهة بما فيها القضاء".

وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية قررت في رد فعل اول على احكام القضاء الاداري "عدم الاعتداد" بها استنادا الى ان قراراتها محصنة الا انها عادت وتراجعت عن موقفها بعد عاصفة من الانتقادات خصوصاً تلك التي صدرت عن رئيس نادي القضاة زكريا عبد العزيز واتهمها فيها بـ "اهدار القانون" وبـ"تقويض نظام الحكم". واعرب رجال القانون والقضاة خلال الايام الاخيرة عن احتجاجهم الشديد على المادة 76 من الدستور الذي اعتبروا انه "يخالف كل الاصول الدستورية المتعارف عليها" ويمنح لجنة الانتخابات الرئاسية "حصانة شبه إلهية".

وجاءت هذه المعركة القضائية في ظل ازمة طاحنة بين الحكومة وبين القضاة مرشحة للتصاعد بعد الانتخابات الرئاسية خصوصا بعد استبعاد ما يزيد على الفين منهم من الاشراف على الانتخابات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين في لجنة الانتخابات بأن هذا الاستبعاد ناتج عن "انشغالهم بالسياسة". واعتبر القضاة المستبعدون ان هذه التصريحات بمثابة "تشكيك في صلاحيتهم وفي حيادهم" مؤكدين ان هذا القرار هو "عقاب لهم على اصرارهم على ضمانات تكفل شفافية ونزاهة الانتخابات".

وامس قررت محكمة القضاء الاداري وقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات الرئاسية باستبعاد قرابة 500 قاض من مجلس الدولة من الاشراف على الانتخابات وقضت بأحقيتهم المشاركة في الاشراف عليها. لكن لجنة الانتخابات الرئاسية طعنت مساء امس ايضا بهذا الحكم امام المحكمة الادارية العليا التي لم تنظر فيه بعد.

وستجرى الانتخابات تحت مراقبة القضاء والمجتمع المدني رغم كل شيء اذ سيتوجه اعضاء فرق المراقبة الى اللجان ويدخلون اليها كناخبين. وكان نادي القضاة قرر تشكيل لجنة من القضاة المستبعدين لمراقبة الانتخابات واكد انه سيعد تقريرا عن سير عمليات الاقتراع مماثلاً لذلك الذي اصدره في تموز الماضي حول الاستفتاء وانتهى الى وقوع عمليات "تزوير واسعة" في نتائجه. وقال رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر أمين ان "عددا من القضاة المستبعدين سينزلون غدا (اليوم) مع فريق المراقبين الذي اعده المركز لمتابعة سير عمليات الاقتراع".

مصادر
صدى البلد (لبنان)