قال ديفيد وولش، نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط، ردا على استفسار من «الشرق الأوسط» عن الخطوات التالية التي تعتزم أميركا اتخاذها تجاه سورية بعد صدور تقرير المحقق الدولي ديتليب ميليس، إن أميركا ستتباحث مع شركائها في المنطقة العربية وفي انحاء العالم بشكل مكثف بشأن ما يجب عمله، وأضاف أن هناك إجماعا بين دول الشرق الأوسط على اتخاذ إجراءات بشأن ما سماه «مثل هذا النوع من الإرهاب»، غير انه قال انه ليست هناك نية فورية لاتخاذ إجراءات ضد سورية في مجلس الأمن إلا بعد انتهاء التشاور والمفاوضات مع أعضاء المجلس. وجاءت تصريحات وولش بعد تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية ،كوندوليزا رايس، التي قالت في ولاية ألاباما الأميركية إن المجتمع الدولي يجب ان يجد طريقة لمساءلة سورية.غير انها رفضت مناقشة تفاصيل او آليات الخطوات القادمة، وقالت إن هناك دعما قويا من أعضاء الأمم المتحدة لتمديد مهمة ميليس الى 15 ديسمبر (كانون الأول) لاستكمال التحقيقات. وقالت رايس التي اصطحبت وزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، الى ولاية ألاباما: «إن المسؤولية في هذا الأمر ستكون مهمة جدا للمجتمع الدولي». وقال وولش في لقائه مع الصحافيين الأجانب في واشنطن إن الولايات المتحدة اهتمت بثلاث نقاط في التقرير بشكل أساسي، وهي أولا أن التقرير اثبت ان هناك دافعا سياسيا وراء اغتيال الحريري، وثانيا أن عملية الاغتيال كانت فائقة التصور ومتقدمة جدا في التنفيذ، وثالثا أن الجانب السوري لم يقدم التعاون الكافي، وأعطى وولش أمثلة لذلك مثل رفض ترتيب مقابلة للقاضي ميليس مع الرئيس السوري بشار الأسد بخصوص التحقيق. وذكر وولش ان التقرير يثبت ان السوريين كانوا يتحدثون مع المحققين «من شهادات معدة مسبقة تم التدرب عليها»، وأشار الى ان هناك تواطؤا من الجانب السوري. وقال « نشعر بقلق بالغ من جراء هذا التقرير الذي يثير قضايا غاية في الخطورة وبه معان خطيرة أيضا» وأضاف: «ان تلك النقاط وحدها سبب للقلق العميق». وقال وولش ان الخطوة القادمة تشمل تصعيد الضغوط على سورية من جهات متعددة، وأضاف «سوف نضغط من جميع الجبهات لكي نرى التحقيقات وقد استكملت، ونسأل أولئك اللذين ذكر أنهم متورطون». وقال ان أميركا اتخذت إجراءات بشكل منفصل وأحادي ضد سورية من قبل، منها سحب السفيرة الأميركية التي لم تعد الى دمشق حتى الآن «ونحن قلقون من التصرفات السورية ويمكن ان تكون هناك إجراءات أخرى».

وردا على استفسار لـ«الشرق الأوسط» بشأن رد سورية على التقرير القائل بأن تقرير ميليس هو تقرير سياسي، قال وولش «التقرير يعتمد على الحقائق وله مصداقية عالية»، وأضاف «أعتقد أن هذا التقرير يعكس عمل جاد منفذي قوانين دوليين لهم مهارة وكفاءة. ان للقاضي ميليس سمعة قوية في هذا المجال. واشك في انه رأى هذه المهمة وكأنها مهمة مدفوعة سياسيا». وطالب وولش سورية مجددا في مؤتمره الصحافي بالتصرف فقط وفق قرارات مجلس الأمن رقم 1559 ورقم 1566 والتي قال عنها وولش إنها تتعامل مع موضوع الإرهاب. من جهة أخرى التقى السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، صباح أمس بالمحقق الألماني ميليس وناقش معه لأكثر من ساعة التقرير الذي قدمه للأمين العام كوفي أنان، كما ناقش معه المراحل المقبلة لما بعد التقرير. وقال بولتون إنه تشاور كذلك مع بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين لمناقشة الخطوات القادمة. وأضاف بولتون في تصريحات صحافية أن تقرير ميليس له أهمية كبرى، معتبرا إياه وثيقة تاريخية، لأنه تضمن الإشارة إلى أن اغتيال الحريري لم يكن ليتم من دون معرفة شخصيات بارزة في المخابرات السورية، كما أشار إلى محدودية التعاون السوري في التحقيق بما يمثل إعاقة لسير العدالة. وتابع «نحن ما زلنا ندرس التقرير، وسوف نستمر في التشاور مع بقية أعضاء مجلس الأمن ومع بقية الأطراف ذات العلاقة». ورفض بولتون الإجابة عن سؤال عما إذا كان ميليس قد أبلغه لماذا حذف بعض الأسماء قبل نشر التقرير بساعات، واكتفى بالقول إن ميليس أبلغه أنه لم يكن قادرا على إكمال مهمته على الوجه الأكمل بسبب عدم تعاون سورية. وتابع قائلا «إن هناك عملا كثيرا ما زال ينتظر الإنجاز». ورفض بولتون كذلك الإجابة عن سؤال عن مدى تأثر نظام الرئيس بشار الأسد من تداول اسم شقيقه ماهر الأسد، قائلا إنه لا يود أن يناقش أية تفاصيل تتعلق بالتحقيق، وان الأمر متروك لمجلس الأمن لمتابعة القضية. وعن مدى تفكير الولايات المتحدة في فرض حصار على سورية قال بولتون «نحن ندرس طائفة واسعة من الخيارات بالتشاور المستمر مع أعضاء مجلس الأمن الدولي».

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)