قال مصدر فرنسي واسع الاطلاع إن باريس «تريد أن تنبه سورية الى أن الوقت لا يعمل لصالحها» في مسألة التعاون مع المحقق الدولي ديتليف ميليس وأن هذا الأخير «قد لا ينتظر تاريخ الخامس عشر من الشهر المقبل ليعود الى مجلس الأمن الدولي»، ليعلمه أن السلطات السورية لا تتعاون معه كفاية وأنه يتعين عليه بالتالي أن يتخذ التدابير المناسبة بحقها.
وأفاد المصدر الفرنسي الرسمي الذي تحدثت اليه «الشرق الأوسط» أمس أن فرنسا «تريد من الرئيس السوري أن يتوقف عن المماطلة وأن يحسم أمره وأن يحكم بلاده حقيقة إذ أن مصلحة سورية تتطلب منه التعاون لا بل أن يعمد الى قطع الأغصان الفاسدة وإن كانت هذه العملية أليمة» في إشارة الى طلب ميليس استجواب ستة من كبار الضباط الأمنيين السوريين بمن فيهم صهر الأسد اللواء آصف شوكت.

وذهب المصدر الفرنسي الى اعتبار أن النظام في سورية هو بصدد «اختيار الانتحار الجماعي» عن طريق «تبديد الوقت ومحاولة التشاطر» على ميليس وعلى مجلس الأمن الدولي و«رفض التعاون الفعلي» لجلاء حقيقة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وأخيرا «طرح مقترحات يعرف سلفا أنه من الصعب الأخذ بها». وحذر المصدر الفرنسي أن باريس وواشنطن وكذلك المجموعة الدولية لن تتردد في طلب فرض عقوبات على سورية هذه المرة في مجلس الأمن الدولي إذا ما تبين لها أن «التحذير الأخير» الذي أرسلته الى السلطات السورية مع صدور القرار 1636 «لم يؤخذ به جديا».

وقال المصدر الفرنسي لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «تتفهم مخاوف السعودية ومصر ودولا أخرى التي لا تريد بؤرة نزاع جديدة الى جانب البؤرة العراقية وهذا أيضا يشكل أحد اهتماماتنا نحن». واستطرد المصدر أن سورية «لا يتعين عليها أن تراهن على هذا التخوف حتى ترفض التحرك» ويجب أن تعي أن «لا مجال آخر مفتوحا أمامها سوى التعاون الحقيقي» مع لجنة التحقيق الدولية رافضا المقولة السورية من أن التحقيق حجة وأن المقصود هو النظام السوري.

ووصفت الأوساط الفرنسية التحفظ السوري بأنه «حجة من لا يريد التحرك».

وأبدى المصدر الفرنسي تخوفه من أن تختار سورية «ليس سياسة حافة الهاوية بل سياسة النزول الى الهاوية وأن تجر معها المنطقة» بما فيها لبنان. وترى باريس أن لدمشق «وسائل وأدوات» يمكن أن تستخدمها لزعزعة الاستقرار اللبناني» ما يحتم على المجموعة الدولية اليقظة والحذر وتنبيه دمشق الى نوعية وحجم المخاطر». وخلص المصدر الفرنسي الى القول إنه «يجب أن تعرف سورية أنها تحفر قبرها بايديها، إنها تقدم أفضل خدمة» للرئيس الأميركي ولآخرين في المنطقة.

وأشار المصدر الفرنسي الى أن باريس «وقفت حتى الآن بوجه تغيير النظام في سورية ونصحت الولايات المتحدة الأميركية بعدم سلوك هذا السبيل وذلك رغم كل ما أصابنا من النظام السوري». لكنه استدرك قائلا إن باريس «ستكون في وضع صعب ولن تستطيع الاستمرار في هذا التوجه إذا لم توفر لها سورية ما يمكنها من البقاء على خطها السياسي السابق» أي الوقوف بوجه التوجه الأميركي.