البيان:

أثار سؤال طرحه مركز حقوقي مصري حول ما إذا كان إعلان دمشق الذي أصدرته مجموعة من الأحزاب والمنظمات والشخصيات السورية في 16 أكتوبر الماضي يمثل بوابة للتغيير في سوريا جدلاً وخلافاً واسعاً بين مثقفين وناشطين سوريين حيث اعتبره بعضهم فرصة تستلزم الالتفاف حولها وتفعيلها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تعيشها سوريا فيما رفضه آخرون محذرين من أن يقود البلاد لاقتتال طائفي وأنه إعلان مغلق لا يعبر عن كل المجتمع السوري ويعبر فقط عمن وقعوا عليه وبشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين.

وقال رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان بسوريا أكثم نعيسة في ندوة نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مساء الأربعاء إن الشارع الكردي في سوريا يغلي جراء صدور هذا الإعلان مشيراً إلى أن بعض الأكراد يرون أن الإعلان حمل إيماءات طائفية لم تكن موجودة من قبل إزاءهم وتجاه أصحاب الديانات الأخرى من غير الإسلام منتقدا النص في الإعلان عن أن »الإسلام دين الأكثرية وعقيدتهم«، وقال أن هذا يصادر حرية العقيدة لدى الشعب السوري.

وذهب نعيسة إلى أن المعارضة السورية غير قادرة على أحداث أي تغيير في الاتجاه السياسي العام لبلادها وأن القوى الوحيدة التي لا تزال تؤثر في هذا الاتجاه هي السلطة الحاكمة منتقدا رفض الإعلان لأي تغيير يأتي من الخارج مؤكداً أن الجميع في سوريا سوف يعمل على التغيير تحت إطار الخارج ومعتمداً ـــ شاء أم أبى ـــ على غطاء هذا الخارج.

ووصف نعيسة إعلان دمشق بأنه إعلان ديني وإعلان مغلق على من وقعوا عليه مشيراً أنه يرفض التوقيع عليه ما لم يتم تغيير كل نصه وقال إن هناك 13 من القوى السياسية المختلفة في حلب تعد لإصدار إعلان علماني مناقض له خلال الفترة المقبلة.

من جانبه لفت المفكر السوري وأستاذ الفلسفة بجامعة دمشق الدكتور الطيب تيزيني إلى تجاهل الإعلان لمسألة احتكار الثروة في سوريا ونهب أموالها في تهريبها للخارج ما أدى لتدويل هذه الأموال وعودتها إما في صورة مساعدات أميركية زائفة أو قنابل ومدافع إسرائيلية منتقداً تركيز الإعلان على احتكار السلطة السياسية فقط في هذا الشأن.

كما انتقد تجاهل الإعلان للأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتصاعد نسبة البطالة والفقر في المجتمع السوري وقال إن سوريا تواجه حاليا ثلاثة مخاطر أولها فتنة طائفية يتم اللعب عليها من الداخل والخارج وثانيها حرب طبقية ملونة طائفيا وثالثها محاولات الغزو الخارجي للبلاد مشيراً إلى أن الحل في مواجهة هذه الاخطار يجب أن يكون في خطوتين أولاهما الاستجابة للشرعية الدولية وثانيهما الانخراط في عملية إصلاح وطني ديمقراطي وفتح ملفات مهمة كملف المعتقلين السياسيين لتحقيق مصالحة وطنية داخلية.

ودعا تيزيني إلى عدم الرهان على الخارج مؤكدا أن الخارج لن يأتي محرراً للداخل وان الرهان يجب أن يكون على قوى الداخل بمن فيهم القوى البعثية التي تدعو للإصلاح والتغيير ودعا تيزيني إلى الأخذ في الاعتبار التغييرات في خطاب جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وقبول قسم كبير منها للتعددية مشيراً إلى أن الجماعة نشأت في سوريا كحركة ثقافية مفتوحة لكن الإسلام السياسي نما في داخلها بمرور الوقت.

وأكد المفكر السوري الدكتور رضوان زيادة أن العبارة الخاصة بالنص على أن الإسلام دين الأكثرية وعقيدتهم لم تضفها جماعة الإخوان المسلمين وإنما وضعها أحد قيادات الحزب الشيوعي السوري وهو مسيحي وقال زيادة إن الإعلان ليس مغلقاً وإنما مفتوح لجميع القوى والشخصيات السورية للتوقيع عليه وتفعيله.

وأشار إلى أن الإعلان طالب بحل ديمقراطي للقضية الكردية مؤكداً إصرار موقعيه على أن الأكراد جزء من النسيج الوطني السوري ورفض زيادة فكرة إطلاق إعلان نخبوي يتجاهل الشارع السوري بكل تفاعلاته مرحباً في الوقت نفسه بصدور إعلانات ووثائق أخرى وهو الرأي الذي

وافقه فيه الكاتب والباحث السوري فايز سارة الذي أشار إلى أن إعلان دمشق لا يقدم خيارات نهائية لحل الأزمة السورية وقال إن صدور إعلانات أخرى سيزيد من قوة إعلان دمشق مشيراً إلى أن واضعي إعلان دمشق اتفقوا على تكليف وفود للتحاور مع مختلف القوى السورية وطرح محتويات الإعلان عليها لبحث التعديلات التي يمكن إدخالها عليه.