أنور بيجو

غداة اختتام مجلس التعاون الخليجي جلساته ، تطالعنا صحيفة السياسة الكويتية ، بافتتاحية بعنوان ( سوريون وإيرانيون يعيشون في لبنان ) ، ومن الوهلة الأولى يتبادر السؤال : لماذا يكون مضمون افتتاحية صحيفة كويتية ، أثناء انعقاد القمة الخليجية ، قمة الملك فهد ، هجوماً سافراً على سوريا وإيران وحزب الله وحركة أمل ؟؟ ويتبادر إلى ذهنك فوراً : هل هناك أية صحيفة كويتية خصوصاً أو خليجية عموماً ، أولت أهمية أكثر لموضوع غير موضوع قمة فهد أو ما يتفرع عن هذا الموضوع ؟؟

لماذا هذه الصحيفة بالذات ، تتضمن افتتاحيتها ذلك العنوان اللئيم ؟؟ ربما يتبادر إلى الذهن أن صاحب الافتتاحية ، حين غزا صدّام حسين الكويت ، قدم ابنه شهيداً ليردّ ذلك الغزو !! أو ربما قاد مقاومة شرسة ضدّ ذلك الغزو ، ودفع هو والمقاومين أغلى الدماء دفاعاً عن الكويت ! وأن كل ما يقال عن الجيوش الجرّارة التي قدمت ( لتحرير ) الكويت ، هي إشاعة من أصلها ، وأن الحقيقة أن صاحب ( السياسة ) هو من حرر الكويت ! وأن الرجل ليس شمشوناً ، وليس أقرع ، وليست ابنة خالته أمريكا ليتباهى بشعرها بدل قرعته ....

من أجل ذلك ، فإنه يأخذ على حزب الله وحركة أمل ، هذه الانتهازية المفرطة باستغلالهم لسوريا وإيران في تحرير لبنان ، بينما يجلس السيد نصرالله مع أولاده ، في جنوب لندن أو شمالها ، بعيداً عن المعارك في جنوب لبنان ، غير مستعدّ ليقدم ( نكلة ) من أجل لبنان !!

هذا ما يؤدي إليه ضعف الثقافة والإيمان ، فكان على حزب الله وحركة أمل ، على السيد نصرالله ونبيه بري ، أن يتعلما البطولة والشجاعة من صاحب ( السياسة ) ، ويستعيدا الدروس التي قدمها من أجل الكويت هذا الكويتي الصامد في الكويت !!

وهل يمكن أن يسألني أحد ، أن هناك أقذر وأحطّ من الذي يتهم من قدّم على أرض لبنان ابنه شهيداً ، أنه وافد من سوريا أو إيران ؟؟ بل هل يمكن أن يكون هناك أحقر من الذي يتهم من حرر الأرض والأسرى ، وكرّم الشهداء ، أي اتهام على الإطلاق ... ؟؟

ثم من هو هذا المُتهم ؟؟ أليس هو الذي اتهمه ياسر عرفات بقبول ملايين الدولارات ، وكذلك ما أثبتته وثائق وزارة الإعلام العراقية بتقاضي الأموال من صدّام حسين شهرياً ؟؟

مالذي يدفع صاحب جريدة في الكويت ومهما كان منحازاً ليأخذ هذه المواقف ؟؟ فيقول مثلاً :
(( ... وما يدعم هذه الاحتمالات اجتماع قيادات المعارضة السورية برؤساء الدوائر الاميركية المختصة في واشنطن , وبدء تحركات الاكراد السوريين في دمشق وحلب والقامشلي.. إن هذا الوضع الشعبي السوري المنتفخ الى أبعد الحدود لايحتاج الآن الا الى انطلاق الصرخة الاولى لكي ينفجر في ساحة المرجة, وفي ساحات حمص وحماة وحلب واللاذقية ))
ألا يصطفّ ، حين يؤيد أن تكون المعارضة السورية عميلة للأمريكان ، ليعاد المشهد العراقي ، مشهد الدم ،أن يعاد في سوريا ، ويحصل الانفجار في ساحة المرجة ، وفي ساحات حمص وحماة وحلب واللاذقية ... حينها ألا يصطفّ هذا المتباهي بشَعرِ ابنة خالته أمريكا مع كل الشماشنة القرع ، الذين يضمرون كلّ ( الحبّ والصداقة والمودة ) للشعب السوري وفي كل الساحات ؟؟ أليس الانفجار أفضل من الاستقرار ؟؟ مالذي يبرر هذا الحقد ؟؟ وأية مكافأة تقابله حتى يظهر بهذا الشكل العجيب ؟؟؟

ما من وسيلة إعلامية مهما كان نوعها ، حين تتابعها ، وبسبب هذا الغليان الإعلامي ، إلا وتلحّ عليك الأسئلة : ما مصدر معلومات هذه الوسيلة ؟ من يمولها ؟ من يقدم لها المساعدات ومن أي صنف كان ؟ بالتالي ما مدى حيادها أو انحيازها ؟ .......

لا شكّ أن الطرف الأول في العملية الإعلامية ، المواطن المتلقي ، ليس واحداً واستجابته متنوعة المستويات ، كذلك الطرف الثاني ، الصانع المرسل ليس واحداً ، فذكاؤه يتراوح بين الذكاء والغباء ، وموقفه يتراوح بين الحياد والارتهان ، ومصداقيته تتراوح بين الحقيقة والنفاق ، وأخلاقه تتراوح بين الحب والحقد .

فإذا اجتمع في إعلامي : الغباء والارتهان والنفاق والحقد ، فحتماً أنت تتحدث عن صاحب صحيفة ( السياسة ) الكويتية ، ولا يمكنك أن تذكر اسمه كما أتى في قيد النفوس ،لأنه يقترن بلفظين كريمين ( أحمد ) و ( الله ) ، فاكتفينا بـ ( جار ) ، ومن تجتمع فيه تلك الصفات ، لا يمكن أن يكون ( جارالله ) بل ( جار الشيطان ) ، وعذراً من الشيطان لهذه الإساءة !!