ايلاف

بعد مجيء أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الاسبوع الماضي الى بيروت، أعلن بعد لقائه الرئيس فؤاد السنيورة انه لا يحمل اي مبادرة، وإنما هو يقوم "بمسعى لتقريب وجهات النظر بين لبنان وسورية، معلنًا وجود افكار محددة وتاركًا الحديث عنها للإتصالات الدبلوماسية".
لكن ما رشح عن هذه المبادرة أثار ردود فعل عنيفة في اوساط تحالف "قوى 14 آذار" لا سيما في ما يتعلق بوقف مسلسل الاغتيالات المتنقل مقابل صمت سياسي واعلامي عن سورية.

بعد مجيء أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الاسبوع الماضي الى بيروت، أعلن بعد لقائه الرئيس فؤاد السنيورة انه لا يحمل اي مبادرة، وإنما هو يقوم "بمسعى لتقريب وجهات النظر بين لبنان وسورية، معلنًا وجود افكار محددة وتاركًا الحديث عنها للإتصالات الدبلوماسية".لكن ما رشح عن هذه المبادرة أثار ردود فعل عنيفة في اوساط تحالف "قوى 14 آذار" لا سيما في ما يتعلق بوقف مسلسل الاغتيالات المتنقل مقابل صمت سياسي واعلامي عن سورية.
ورغم تأكيد عمرو موسى عدم "وجود شيء اسمه مقابل، وان مصلحتنا ان يستقر لبنان وان لا يستمر مسلسل الاغتيالات، لكن نحن لسنا في وارد ان نقدم مبادرات معينة او ان نوجه اتهامات معينة، الا ان مسألة الصمت الاعلامي مقابل طمس الحقيقة في لبنان اخذت حيزًا كبيرًا من الاخذ والرد. وفي هذا الصدد يقول الاختصاصي في القانون الدولي الدكتور جورج سرحال لـ"إيلاف" ان هناك تراجع في الضغط الدولي على سورية، ترجم من خلال مبادرة عمرو موسى، و المؤشرات على ذلك ‏متعددة، تدل على وجود واقع جديد في العلاقة بين دمشق وبين المجتمع الدولي وفي ‏مقدمته الولايات المتحدة.

وان كان من الصعب القول بأن صفقة ما حصلت بين دمشق وبين ‏واشنطن، فإنه من السهولة في الوقت ذاته، الكلام عن تقديمات لجأت اليها سورية استجابة ‏لمطالب هذا المجتمع وايضا على رأسه الولايات المتحدة، التي يحتل الوضع العراقي الهاجس الأوحد ‏في سلم أولوياتها، وبذلك فإن ما حصل بين سورية وبين الادارة الاميركية، هو امر ما يقارب حد ‏التفاهم غير المعلن بينهما. سعت اليه وساطات عدة توزعت بين المساعي الروسية والسعودية ‏والقطرية.‏

واضاف الدكتور سرحال :" ان كل ما يحصل على الجبهة السورية - الأميركية ليس سوى سيناريو مدروس بعناية ومعروف النتائج يشبه الى حد ما الصفقة السياسية والأمنية القائمة على منح جواز مرور سياسي للسياسة الأميركية في المنطقة مقابل تنازلات أمنية سورية تقضي بتسليم الأميركيين ملفات متعلقة بالارهاب والشبكات التابعة له، في موازاة دعم استمرار النظام السوري بعد اتخاذ بعض التعديلات المتعلقة بمزيد من الديمقراطية السياسية والاقتصادية.

ويضيف معتبرًا ان العلاقات الأميركية - السورية تمر في أقسى مرحلة من لعبة شد الحبال وعض الأصابع، كاشفًا أيضًا أن الأزمة الأميركية - السورية ما زالت ضمن دائرة الضبط، وتحت السيطرة، وهي تمر في مرحلة من التجاذبات على خلفية الابقاء على الأوضاع في حال من المراوحة تحت السقف الدولي الذي يؤكد ضرورة حصر رقعة التوتر في المنطقة وعدم توسيعها، على اعتبار ان أي خطوة من هذا النوع ستكون كفيلة باشعال المنطقة الشرق أوسطية، وهذا ليس مطلوبًا لا أميركيًا ولا اقليميًا ولا دوليًا، انما المطلوب اعتماد سياسة القضم والتطويع اسوة بما حصل في ليبيا والعراق وفلسطين المحتلة.

ويضيف سرحال"بدت ظاهرة بوادر هذا التفاهم غير المباشر الذي حدا بدمشق للرضوخ للمطالب الدولية، ‏من خلال الاشادة العراقية الرسمية منذ نحو شهر عن ضبط سورية للحدود بين البلدين بما منع ‏من مرور متسللين او متطوعين للقتال ضد قوات التحالف في العراق، مرورا بيوم الانتخابات ‏العراقية الذي خلا من عمليات انتحارية وعسكرية وقتالية قياسا الى الايام العادية، وصولا ‏الى القرار الدولي 1644 الذي كان مرتقبا له ان يكون اكثر حدة تجاه سورية التي تعاطت مع ‏لجنة التحقيق الدولية بتناقض وفق ما وصف الامر القاضي ديتليف ميليس.‏

ويضيف ان الرئيس الأسد الذي اطمأن حتى الآن الى عدم تهديد نظامه مع ضرورة تقديم تغييرات ‏قبل العام 2007 اي موعد الاستحقاق الرئاسي في سورية، عليه ان يتجه بنظامه الأمني نحو ‏التطور والانفتاح، حتى لا يواجه يومها باعتراض دولي على صيغة التجديد له، او يواجه بمرشحين ‏يلقون تشجيعًا ودعمًا خارجيًا، رغم ان القوات السورية حسبما تردد اوساط ديبلوماسية ‏ستكون جزءا من حل قد يلعب دورا في ضبط الأمن في العراق.‏

وقال ان السياسة الأميركية ترفض بحسب علمه احلال الفوضى في منطقة الشرق الأوسط دفعة واحدة، على اعتبار ان مثل هذه الخطوة قد تخرج الأمور عن السيطرة، وتدفع ببعض القوى الأوروبية الى التسلسل من خلال بعض الثغرات التي ستنجم عن الفوضى الشاملة، وهذا ما سيضع السياسة الأميركية على المحك الاقليمي والدولي، بما يؤسس لخربطة المخططات الأميركية القائمة على الاستفادة من النفط والطاقة للقرن المقبل دون شريك أو حسيب، وهذا ما تسعى اليه الولايات المتحدة التي تبني كل سياستها على مصالحها الاقتصادية البعيدة الأمد. وينهي حديثه بالقول ان ما رشح عن عمرو موسى من احتمال صفقة لم يكن بالامكان ان يحدث لولا الغطاء الدولي والاقليمي الذي امنته الدول له.