مع فوز حركة حماس بأغلبية مريحة في مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني ظهرت بوادر أزمة حقيقية تلوح في أفق عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة. ومع توالي الأحداث وتأكيد حركة فتح بشكل مستمر بأنها ستلزم المعارضة ولن تشارك في الحكومة الفلسطينية المقبلة تتفاقم المخاوف على مستقبل السلطة الفلسطينية والعملية السلمية برمتها؛ فمن جهة كان صعود الحركة إلى المجلس التشريعي من خلال عملية شهد لها بالديمقراطية والشفافية وكتعبير صريح ومباشر عن الشارع الفلسطيني المتململ من طريقة حركة فتح في إدارة السلطة ببرنامج انتخابي ركز على استمرار المقاومة المسلحة ووقف المفاوضات مع إسرائيل. ومن جهة أخرى كانت العقدة الأكبر في عدم اعتراف حركة المقاومة الإسلامية حماس بإسرائيل وباتفاق اوسلو الذي أنشأت على أساسه السلطة الفلسطينية ما يمثل إغلاقا مسبقا لأي باب نحو العملية السلمية ودفع للقضية الفلسطينية نحو المجهول.

في طل هذه الظروف تقف حماس متمسكة ببرنامجها وميثاقها الرافض لكل شيء (إسرائيل واوسلو والتفاوض) كما وتحاول ادخال فتح معها في الحكومة المقبل اغلب الظن لكي تخفف من الرفض الدولي الذي بات مؤكد لحكومة حماسية صرفة. وفي هذا الوضع تطرح العديد من السيناريوهات لطريقة السلطة الجديدة في التعاطي مع هذه الحالة المعقدة وربما الغير قابلة للحل.... هاكم إحداها:

إذا عدنا في الزمن قليلا إلى فترة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة فكلنا يذكر كيف تكالبت الفصائل الفلسطينية ليس فقط على اعتبار هذا الحدث نصرا بل وعلى نسبه إليها شخصيا كمحارب أساسي لهذا الاحتلال... وبالعودة إلى الوقت الحاضر فان التلويح من قبل الحكومة الإسرائيلية في حال انقطاع المفاوضات (ما هو مرجح بشكل كبير) بالانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية فان ذلك يجعلنا نعتقد بان حركة حماس قد تراهن على مثل هذا الحل لتكسب انتصارا وهميا آخر بتحرير الضفة الغربية تستطيع هذه المرة وبشكل مباشر نسبه إليها كونها الممثل الشرعي للسلطة والشعب الفلسطيني, ما سيجعلها تتمكن من تخفيف وطأت الأزمة الاقتصادية التي ستعصف بفلسطين مع صعودها إلى الحكم وتسلمها السلطة (حيث بات من المؤكد بان اغلب الدول المانحة سوف تقلص إن لم تلغي مساعدتها للسلطة إذا كانت بيد حركة حماس) ولكن ومع استمرار حماس في السلطة بعد ذلك قد تلجأ إلى إعلان للدولة الفلسطينية كانتصار آخر تروج فيه لموقفها ولقدرتها على قيادة السلطة الفلسطينية والانتصار على العدو الإسرائيلي.... ولكن ومن جانب آخر كيف سيكون قد تم على ارض الواقع إذا حدث ما سبق... ستكون إسرائيل نجحت في فرض الحدود التي تريد للأراضي الفلسطينية وتأجيل إن لم نقل الغاء مفاوضات الحل النهائي التي كانت تطالب بها على الحدود النهائية والقدس إلى ما بعد إعلان الدولة...... فمن المنتصر الحقيقي في هذه الحال.

إن السلطة الفلسطينية وحركة حماس ستواجه في الفترة المقبلة أكبر تحد عرفته منذ تأسيسها فإما عليها التخلي عن ثوابتها وشعاراتها وبرنامجها الذي فازت على أساسه في الانتخابات مبعدتا حركة فتح عن السلطة, وإما إن تتمسك به فتصبح معزولة دوليا واقتصاديا مما قد يؤدي إلى انفجار داخلي وقتل الحركة من قبل الشعب الجائع والعاطل عن العمل والأسوء من ذلك انه مسلح!!!