للأسف نكتفي نحن العرب بعدم الرضا عن أنفسنا ولا نقبل إهانة من أحد ولو كانت الإهانات صحيحة. لا أقول هنا إن الإساءات التي تعرض لها شخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من الصحف الدنماركية صحيحة - حاشا لله .

ولكن هكذا حالنا نحن العرب، معظمنا يقاطعهم اليوم، ثم ينسى أكثرنا أمر هذه المقاطعة بعد مضي فترة من الزمن. نكتفي بذلك دون المبادرة بتقديم أي حلول لتعديل الوضع المعقوف.

لم لا ننظر إلى الأمر برمته على أنه تقصير منا؟ فجهل أولئك المسيئين للإسلام هو السبب الأول وراء تعديهم عليه، على الرغم من أن القضية المتصاعدة في وتيرتها لا تمت بأية صلة لحرية الرأي والفكر.

فهي بشرح مبسط تدخل في شؤون الغير، ربما يكون القصد منها أولا الاستهزاء من أمة بأكملها اختارت بإرادتها الإسلام دينا، وثانيا إيصال الفكرة الخاطئة تماما للمجتمع في تلك الدول عن الإسلام.

أقول العين بالعين، ولكن أقول عين واحدة بعيون كثيرة، ولكن بذكاء، وبتعقل. لماذا لا ننظر إلى القضية المثارة من خلال ثقب أكبر؟ فتكرار إيصال أية فكرة ولو كانت كاذبة للجمهور يجعلها ترسخ في الذهن، وكما يقال التكرار يعلم الحمار.

وإذا كان ذلك هو الهدف والقصد من وراء نشر تلك الكاركاتورات، فعلى المسلمين أولا إعادة تركيب كل ما تم كسره عن صورة الإسلام، ثم إعادة استعمال السلاح نفسه الذي استعمله ناشروا الكاريكاتورات لنشر الإسلام، وأقصد هنا سلاح الإعلام.

لقد اختلفت في عصرنا هذا أداة الحرب، ففي السابق كانت السيوف والدروع، أما اليوم فالحرب فكرية، وأداتها الأساسية الإعلام بشكل عام. يكفي كبداية تأسيس قناة فضائية تلفزيونية لنشر الصورة الواضحة الصحيحة وللتثقيف عن الإسلام.

فلنقلب السحر على الساحر ونجعل القنوات التلفزيونية المثقفة عن الإسلام بمثابة الغزو الثقافي لهذه الأمم في قلب كل منزل من منازل مواطنيها. إذا كانت هذه الدول تريد الإساءة للإسلام، فسوف «نحسن» إليها عن طريق نشر الإسلام فيها. ويا له من إحسان. الغزو الحقيقي هو الذي ينتقل فكريا من جيل إلى جيل.

ينبغي على العرب اليوم خدمة الدين الإسلامي وإيصال صورته الصحيحة إلى الأمم الأخرى قبل صب جام غضبها على كل مسيء، وقبل اعتناق الأفكار المجنونة المتعلقة بالتفجيرات الانتحارية.

لدى العرب اليوم الوسيلة السهلة لإنجاز ذلك العمل، ولكن التراخي والترهل أصاب جسمهم، في حين بذل الرسول عليه الصلاة والسلام على أيامه جهدا مضنيا لنشر الإسلام. أفيقوا يا عرب، فهل أنتم فاعلون؟

سؤال أخير: ما الذي دفع بحمية العرب إلى الغليان الآن؟ فقد فاتت ما يقارب الخمسة أشهر على نشر هذه الكاركاتورات في الصحف الدنماركية. للأسف، نحن متأخرون حتى في ردود أفعالنا.