ربيحة علان علان

تركت الانتخابات البلدية الفلسطينية وخاصة المرحلة الأخيرة منها أثرا قويا في أداء وفاعلية كافة الأطراف المعنية بالوضع الفلسطيني سيما والانتخايات التشريعيّة كانت على وشك التنفيذ. ففيما يخص الوضع الداخلي ومن زاويتي كامرأة فلسطينية من عامة اللاجئين؛ كان نجاح الشعب في تحقيق انتخابات حرة ونزيهة وبالمقاييس العالمين؛ مفخرة وأمل بمستقبل أفضل وهو القاسم المشترك الذي لم يختلف عليه عاقلين مهما كانت وجهة النظر حول المرشحين والفائزين. ومن غير المنصف أن يدعي طرف من الفصائل الفلسطينية أنه صاحب هذا النجاح- نجاح الديموقراطية هذه- فالجميع كان بأحمره وأصفره وأخضره وحتى بقيت الألوان الفلسطينية عناصر فاعلة في هذا الأداء الرائع الذي صنع في دواخلنا جميعا كفلسطينيين حلما كبيرا بمواصلته في الانتخابات القادمة الأكثر أهميّة والأكثر جدلا. وإن كان لأحد أن يفخر بذلك فهي الأسرة الفلسطينية؛ التي امتلكت أكثر من لون سياسي بين أفرادها. فهل هناك قيادة أو تنظيم أغلى من الأخ الأخت الأم الزوجة الابن.. خاصة وأنه لا خلاف على الهدف بين العقلاء منهم بل في طريقة الوصول اليه. وبدا واضحا مدى الفرحة والارتياح الذي خلفته نتائج هذه الانتخابات المحلية على أنصار حركة حماس لتحقيقها فوزا قويا ومقاعد بلدية أكثر عددا، مما كثف من تحرك أعضائها نحو التشريعي والفوز به. كانت أيام ثلاث أو أقل قد بقيت قبل موعد نهاية قبول أي تسجيل للناخبين ليحق لهم المشاركة في انتخاب أعضاء المجلس التشريعي، فبدأ كثيرون ممن لم يسجلوا للانتخابات السابقة بتسجيل أسماءهم؛ يعاونهم في ذلك أنصار حركة حماس على وجه الخصوص؛ لان معظم من لم يسجل للانتخابات سابقا كانوا من المقاطعين للانتخابات والذين كانوا يرفضون التسجيل ولو احتياطا في حال دخول حماس الانتخابات ولكن فوز حماس شجع غالبية هؤلاء للتسجيل لنصرة حركتهم في المعركة الانتخابية القادمة. في اطار هذه الآثار أيضا احتدم الجدل بين عناصر حركة فتح حول نتائج الانتخابات البلدية ولأنهم يعلمون تماما مدى نزاهتها فقد أخذوا يبحثون عن تفسير وتبرير لهذه النتيجة وشرعوا في ترتيب صفوفهم بدرجة تزيل شبح الخسارة المتوقعة في الانتخابات القادمة. فاستعانوا بالمحكمة لتبرير قانونية دمج قائمتين انتخابيتين لهم في واحدة، وأتساءل إن ساهم هذا حقا في درء خطر كبير على الحركة أم كان أحد أسباب التراجع المتزايد؟. أحد المتغيرات التي قد تبدو طريفة وظهرت عقب الانتخابات البلدية -وشهدتها في مدينة البيرة خاصة- اطلاق الشائعات أو ما يأخذ شكل "النكات" التي تتناول طريقة الادارة البلدية المتوقعة للأعضاء الفائزين من حماس والذين حصلوا على رئاسة البلدية ومقاعد عديدة. على سبيل المثال: قيل" حماس ستمنع فتح المحال التجارية يوم الجمعة نهائيا وطوال اليوم؛ وحماس ستفرض صيام الخميس والاثنين... وأعضاء حماس لن يستطيعوا إدارة البلدية في المرحلة الصعبة القادمة وغيره". وبغض النظر عن النتيجة التي قصد "مبدعو" هذه "النكات" الوصول اليها فقد كانت بداية ظهور موجة من النكات خلال مرحلة الدعاية الانتخابية للمجلس التشريعي ومن ثم وبشكل أوسع بعد نتيجة حماس "المذهلة". غير أنها نكات واشاعات مست العديد من الفصائل لاحقا وإن تركزت على أو ضد حماس.

وبدأت الدعاية الانتخابية لمرشحي المجلس التشريعي بالظهور. ألوان بنفسجيّة وحمراء لقوائم أرادت اصوات الجميع رغم مظهرها وجوهرها الخاص بأقليّة من "المرفهين"و"الزهقانين". كان أجمل تصميم لدعاية انتخابية من حيث المظهر "لحركة فتح". كانت زهرة عباد الشمس الصفراء التي أريد لها أن تُظهر الحركة مشرقة كالشمس وبريئة كالأطفال الذين أُبرزوا في اللوحات وعبر تصميمات بـ"الكمبيوتر" مرتدين أطواق زهر النجاة الأصفر. كان اللون الأصفر طاغيا على عروق "العباد" الخضراء، وليت الفنان "المصمم" أبرز قسما أكبر من الساق الأخضر "للعباد" لتكون الصورة أجمل و"أشمل". بالنسبة لي كانت زهرة عباد الشمس ساحرة المظهر خاصة وأنا أرقبها من نافذة السيارة عند عودتي من العمل، كانت تذكرني "بزيت القلي".. وما أن أصل إلى البيت حتى تشغلني أمي بطلباتها فتنسيني "قلي البطاطا- الشيبس"، ثم أتذكرها ليلا فأشكر أمي في "عقلي" لاني بالفعل بحاجة إلى رجيم قاسي.

دعاية حماس الانتخابية تأخرت -كما ظهر لي- عن البروز في رام الله والبيرة وفي مخيمنا خاصة بالمقارنة مع القوة التي بدأت بها دعاية الآخرين. كنت أظنّه زهدا غير أنها ما لبثت بالظهور يوما بعد يوم خضراء هادئة، في النهاية لم تكن بسيطة لكنها لم تبدو لي أكثر من الدعاية التي قام بها مرشح واحد من الأغنياء والممولين. أما المرشحين المستقلين فكانوا من الكثرة بحيث ضاق الناس بذلك ولأن فيهم من كانوا لا يحملون درجات علمية محترمة أو ماضي بمستوى المسؤولية المنتظرة من عضو مجلس تشريعي فقد شاعت النكات والتعليقات من مثل:"انتخابات مسخرة"، "اللي بينزل بيقل قيمة حالو" "نازل الواحد مع ولاد"، "قال الشباب بدهم المرة الجاي كلهم يرشحوا حالهم دفعة وحدة وقال البنات اللي بدهن ينتخبن". وبالرغم من وجود مرشحين يحظون بالاحترام إلا أن طريقة وخلفية نزول المرشح للناخب ظهر تأثيرها لاحقا. فهناك من له خلفية يسارية يخفيها ويرضي الجمهور غير اليساري بالنزول المستقل وهناك الفتحاوي الذي يدغدغ مشاعر الناس بنبذه للفساد متهما نفسه سابقا دون أن يدري أو زملائه بالفساد ومبررا ساحته "حاليا". وحدهم مرشحي حماس متماسكين ومنضبطين في حركتهم وظهر مدى انسجامهم وتناغمهم وقد يكون هذا عاملا أكثر جاذبية من "أكل الشيبس" بالرغم من ملاحظات بعض الناس من توقعهم ترشح أعضاء في حماس من نوعيّة أقوى من بعض المرشحين الظاهرين في الدعاية، وما لبث الناس أن تداولوا فكرة أن حماس لا تلعب بكل أوراقها مرة واحدة وأن الانسجام في الحركة وكفاءة المرشحين كافية لأداء يرضي الناخبين في هذه المرحلة.

من "الموضة" في النقاشات "الفضائية" و"العضلاتية" طرح قضية المرأة وحقوقها كعقبة يضعها المنافسون أمام الحركات الاسلامية؛ وبعيدا عن تجارب الآخرين يمكنني كإمرأة لاجئة عايشت ألوان فلسطينية عدة الاشارة بنجاح حركة حماس الواضح في التعامل مع هذا التحدي ألا وهو قضية المرأة. في الانتخابات الجامعيّة والبلدية كانت المرأة عنصرا قويا وملفتا للنظر في العمل لصالح حماس. الأمر هنا يتعلق بفتيات ونساء على قدر عال بل ومتفوق في المجال العلمي والمهني والاجتماعي. أي أن حماس تملك كم ونوع متفوق من النساء في قاعدة أنصارها. الأمر الذي لعب دورا هاما وفاعلا في الدعاية للحملة الانتخابية "الحماسية" التشريعيّة. وتجد امرأة نشطة متطوعة للدعاية لحماس مجندة صغارها أيضا بالرغم من أن زوجها مسؤول كبير في مخابرات السلطة ومن أنصار فتح، بل إن زوجات وأمهات وبنات وأخوات العديد من اليساريين هن من مؤيدات حركة حماس. إضافة إلى أن زوجات وأخوات وأمهات ضحايا الاحتلال والفساد وخاصة من أوذوا بسبب تأيدهم لحماس قد تحولن بكل قوتهن لحث الناس لاختيار "المقاومة" وإن كن من قبل غير آبهات بالسياسة. ومن النكات التي قيل أن شباب من فتح أطلقوها فترة الدعاية الانتخابية على الشابات الجميلات المحجبات اللواتي كن يطفن البيوت لتفقيه البسطاء حول الانتخابات وإجراءاتها؛ أنهن كن يقلن لكبار السن:" إذا بدكم حماس بس حطوا في المربع اشارة صح، وإذا ما بدكم اياها حطوا إشارة خطأ" وطبعا يضحك "الشبيبة" لان الورقة ستكون صحيحة لصالح حماس سواء كان في المربع صح أو خطأ.

كانت الملاحظة الطاغية التي اشترك فيها الناس في فترة الدعاية الانتخابية هي استنكار تبذير الملايين على الدعاية الانتخابية، وتجد الشخص يحدث صاحبه كلما مروا في الشوارع الغارقة بأقمشة وأوراق ولوحات الدعاية:" مش حرام كل هالملايين تروح ع الأرض، مش بقولوا الخزنة مفلسة ونشحد من اللي بيسوى واللي ما بيسوى، مش لو عملوا مشروع فيهن لهالشباب كان حطناهم ع راسنا".

بالدرجة الثانية كانت ملاحظة أيضا تستنكر ما كتب من شعارات خاصة شعارات المرشحين ممن كانوا أعضاء سابقين في المجلس التشريعي. ويرى أغلبية من تحدثت معهم أن "السابقين" أُعطوا فرصة طويلة جدا ولم ينجحوا فلا يفيد تكرار تجريبهم. إضافة إلى ملاحظة على برنامج المرشحين الذي غلب عليه محاربة الفساد وكما قال أحد العامة ببساطة:" بيحكوا عن الفساد وهم الفساد، يا ستي الورق اللي كاتبين عليه هو بذاتا فساد". وعلى البرنامج الانتخابي حيث رأى البعض أنه عكس ما حدث بالماضي أو ما يُتوقع من بعض المرشحين و"أقرأ أقرأ كلو كذب".

وكالعادة يرى كثيرون أنه حتى الجيدون من المرشحين عندما يصلون إلى السلطة يفسدون، ولا داعي للأمل بأي منهم. فظننت وقتها أن نسبة المنتخبين ستقل كثيرا بسبب هذا الاحباط إضافة إلى أن العديد من الناس لم يسجل أصلا في سجل الانتخاب وهناك من سجل لكنه لا يريد أن ينتخب ويظهر أن أغلب من رفضوا المشاركة في الانتخاب كانوا قد درسوا قرارهم ولم يكن قرار عشوائيا. ومع ذلك فإن مشاركة غير مسبوقة و"حماسية" عالية شهدها يوم الانتخاب.

كان يوم الانتخاب يوما مذهلا، أعداد هائلة اصطفت في طوابير للانتخاب، أجواء مشتعلة "على نار هادئة". السيارات تحمل شعارات لأنصار هذه الجهة أو تلك، الشوارع والجدران ما تزال تعج باللافتات والصور الدعائية ولأول مرة غُطيت صور الشهداء دون أن يعترض أحد الكل كان منشغل بالصور الجديدة الكل يبحث عن مساحة له والكل يطمع بالمساحة الأكبر حتى على حساب صور الشهداء.

الفريقين الأقوى نشاطا كانا "فتح وحماس" ولكني لم أتوقع أن يبتلع هذين"التيارين" معظم التفاحة. كنت أتوقع فوز بعض المستقلين ونسبة -أكبر مما نتج لاحقا- "للمنفوخين". صوّت غالبية من قابلتهم لأكثر من جهة، الورقة الانتخابية كانت تعج بالأسماء فتشتت أصوات كثيرين لكن القاسم المشترك الأكبر فاز؛ "حماس". فعندما تسأل المقربين منك يخبروك باختيارهم يساريين وحماس أو فتح وحماس أو مستقلين وحماس.. وبذلك يمكن القول أن اختيار حماس دخل معظم البيوت الفلسطينية سواء بصوت واحد أو بكل الأصوات حتى مناطق مسيحية فرز في صناديقهم أصوات لصالح حماس.

الخوف من حدوث فتنة بين الاخوة كان يقلق الجميع وانتظار ساعة اغلاق الصناديق وفرزها كان هم مشترك وكنا نطوق لانتهائه دون مشاكل. وبالفعل لم يحدث أي مشكلة حقيقية باستثناء استمرار كل طرف بالدعاية لمرشحه وببعض الفهلوة كإرسال صغار وشبان يحملون ورق دعاية أو المناداة في الهواء كأن الشاب لا يقصد عمل دعاية أو بتشغيل تسجيلات وأغاني دعائية وهكذا..

عندما أُعلن عن إغلاق صناديق الاقتراع لم أتمالك نفسي من الفرح بدأت أقفز وبصوت عالي وفرح أقول: الشعب الفلسطيني بطل بطل لم يحدث أي مشكلة والحمد لله". أمي ردتني بتلقائيتها وبصوتها المرتفع:" على شو أبطال يختي؟!! على شو؟!! شو حررتوا فلسطين!! ع بعض انتصرتوا هذا اللي فالحين في". حاولت أقناعها بما أشعر، لم تأبه بذلك. أمي لاجئة من قرية دمرت وهجّر أهلها بقسوة بالغة عام 48، ولا شيء عندها له قيمة إن لم يكن عودة تلك الأرض. وهي لم تشارك في الانتخابات لاننا الاخوة لسنا مؤيدين لجهة واحدة وكنا سنختلف فيمن سيحظى باصطحاب "أمنا الأميّة"، وهي لا تشاركنا هذا الخلاف لان لها رأي آخر وكثيرا ما يُعجز "الأميون" الآخرين بصفاء فكرهم وعبقريتهم الفطريّة.

لا شك أن أصعب مرحلة هي عملية الفرز، يحتاج القائمون على عملية الفرز في غرفتهم المغلقة إلى أعصاب قوية تتحمل النتيجة سيما في وضع متوتر كما في هذا الموقف الفلسطيني الخاص. "حماس رقم واحد أو تكاد"، نتيجة مذهلة لحركة تصعد يوما بعد يوم لكنها تُزف أول مرة لقيادة الجميع في مشهد عالمي، ولكل مقام رهبة. "فازت فتح" كلمات لم تتناقلها الفضائيات المتسرعة فقط ولكن حتى شبان حماس أشاعوها أحيانا خوفا من ردة الفعل عند الآخرين وحتى تصل الصناديق بأمان. غادروا أماكن الفرز والتزم الأغلبية الصمت في البيوت وكثير من احتفالات الفائزين تأجلت بعض الوقت منعا لصدمة المفاجأة وترك الآخرون يحتفلون. استطلاعات الرأي كانت غير دقيقة؛ بعض من سألتهم أخبروني أنهم لم يعطوا موظفي الاستطلاع كل الحقيقة. لكن الناس كانت تعرف تماما من انتخبت. وقف "رسميون" لوقت حيارى ماذا يفعلون بالصناديق وقد عرفوا النتيجة "فقال بعضهم لبعض يتلاومون":" أخرجوا وأعلنوا الخبر رسميا، الناس تعرف من انتخبت". كانت النسبة أعلى من أي قدرة على التعديل. وكانت الحقيقة معروفة ثانية بثانية لأن المراقبين والممثلين عن المرشحين يحملون أجهزة نقالة وتم ايصال الرقم وتفاصيل العملية كلها أول بأول لخارج مراكز الاقتراع وكانت النسبة عرفت قبل أن يخرج الموظفون من غرف الفرز. وانتشر الخبر... " الزحف الأخضر"... "تسونامي" .... موجة ضخمة من اللقاءات الفضائية تصول وتجول هنا وهناك تنشر ،تحلل، أو تتسلى بالحدث. وعلى أرض الحدث كانت موجة "تسونامية" من "النكات" تصاعدت أكثر من أي فترة سبقت تصاحب مخاوف أو توقعات أو فرح البعض. وهي موجة حملت أيضا إشاعات وتمريرات مغرضة قصد البعض نشرها في هذه الأجواء المتوترة.

وكما في اشاعات ونكات ما بعد انتخابات البلدية؛ تركز الجديد منها على إدارة حماس للسلطة ولون شعارها الأخضر وعلى القوانين الاسلامية. من أمثلة ذلك:" بقولو بدهم يلبسوا الشرطة دشاديش ويحطولهم خنجر ع الخصر، النسوان بدهم يلبسوهن جلابيب، ممنوع المرة تسوق سيارة، اللي بيقطع والاشارة حمرة 80 جلدة، بدنا نصير نبيع بدل اللحمة بلح، بدهم الحلاقين يسكروا محلاتهم، بدهم يهدوا..بدهم يسكروا...بدهم يغيروا... بدهم يخالفوا السواق اللي مش متوضي، بدهم يدفعوا المسيحيّة الجزية، بدهم يقيموا الحد ع اللي عندو سطلايت، بدهم يجلدوا اللي بيسمع نانسي عجرم ثلاثين وللي بيسمع هيفا وهبي خمسين. بدهم يمنعوا معجون اسنان ويفرضوا السواك، بدهم يكفنوا الميت بأخضر...." " وقال سحبوا السيارات من وزا فتح وصرفولهم جمال وسحبوا البلفونات وصرفولهم حمام زاجل ولما انجلطوا بتوع فتح منعهم هنية من السفر للخارج والعلاج فقط بالقران". "قال فتح عملت عملية استشهادية الزهار استنكر"، "واحد يهودي زحلق في الحمام قام الزهار اتبنى العملية قال شو قال البليط حمساوي"،" واللي صار من تدبير اسرائيل وأميركا قال سوو في حماس زي الولد المشاغب بيحطو الاستاذ عريف الصف عشان يتربى"....

ومع ان "النكت"ان صح تسمية بعضها بذلك اختصت بحماس لكنها أيضا طالت الجميع ومنها:"واحد بيهني جبهاوي على المقعدين بيقولوا: مبروك يا عم صا الكم كرسيين: بيقولوا الثاني: على شو يابا هذول طلعن كراسي بلاستيك" ،"قال الفتحاوية عاملين عرس جماعي الليلة في المخيم لأنهم طلقوا نسوانهم قال طلعن حمساويات"،"الشب الفتحاوي لازم يحفظ أقلو جزء عم قبل ما يقرب يخطب بنت حمساويّة"،"شب ملتحي فقير من شباب حماس عايش ع البركة مر عنو واحد من بتوع السلطة بسيارة شبح، طبل الحمساوي ع شباك السيارة وقال للفتحاوي بمنافس كبيرة: بالله دير بالك عليها بدي أستلمها منك الشهر اللي جاي جديدة زي ما استلمتها". "قال الفتحاويّة بدهم يغتالوا أبو مازن قال ليش قال منتخب حماس"،" قال واحد بيقول للثاني: ليش بدك تنتخب فتح؟ اللهو بيقول: فتح أحسن، قلبها قوي بتبيع وبيهمهاش" ، " قال كل ما حماس بتفوز بمقعدين بتوخذ فتحاوي هدية". "ع التلفزيون ظلوا يقولوا سنة 2006،2006 مش منيحة مش منيحة؛ قال طلعوا هذول لمنجمين فتحاويّة"...

ربما تكون هذه النكات والاشاعات- وهناك المزيد منها وبعضها لا أخلاقية فلم آتي على ذكرها- قد بدأت مغرضة لاثارة المخاوف من فوز حماس عقب الانتخابات البلدية ولكنها سرعان ما اختلطت بالنكات العفوية البريئة التي تحمل تفريغ لمخاوف البعض وبنفس الوقت نقد أو محاولة تصوير ما حدث أو ما هو آت أو للدعابة. ولكن الاشاعات والاشارات باللمز والتعريض بالآخر لاثارة الفتنة والغضب موجودة وهناك احتمال أن يزداد حقن الشارع الفلسطيني بها في الأيام القادمة. إلا أن نجاح الشعب في اجتياز مراحل صعبة سابقا وما يملك من أسر متنوعة في لونها السياسي هو صمام الأمان والأمل في غد يكمل فيه الشعب نجاحه. ومن الهام أن يتعلم جميع الأطراف أن الرابح الأول والأكبر هو الشعب الذي استطاع أن يعاقب ويكافئ ويعطي الفرصة ويحتمل الصعاب. وأن الشعب هو الرهان الأول، وأن من خسر ومن نجح بحاجة إلى اقتناع الشعب به في المرحلة القادمة. لأن من أنجب كل هؤلاء الشهداء والأبطال على مدى قرون ومن استحق شرف جوار القدس وسكن أرض الرباط غير عاجز على أن ينجب القيادة تلو القيادة التي تعيد حقه في القدس والعودة والسيادة الكاملة، وأن من انتخبوا لم يكونوا غوغاء أو همج أو عاطفيين بل إن أغلب من انتخب أو امتنع عن الانتخاب أقدم على ذلك بعد تفكير وتمحيص لأن حياة الفلسطينيين أصبحت في درجة من السوء ومستقبلهم في درجة من الخطورة بحيث لم يكن الأمر يحتمل مزيد من الصمت والوقوف "جنب الحيط"؛ فالحائط مشرعا فمه يكاد يبتلعهم.