أثناء جلسة الحكومة الأسبوعية يوم الأحد الماضي، التي بحثت تدهور الأوضاع في مستوطنات النقب الغربي في ضوء ازدياد عمليات اطلاق صواريخ القسام من داخل الأراضي التي اخلتها إسرائيل، أفاد وزير الدفاع انه من الآن فصاعداً سيتم اتخاذ "سياسة هجومية" ضد منظمات الارهاب. وتجدر الاشارة إلى أنه أطلق 300 صاروخ قسام على إسرائيل منذ انتهائها من تنفيذ فك الارتباط. وعليه، يطرح السؤال التالي: لماذا سيلجأ وزير الدفاع لاعتماد سياسة هجومية الآن فقط.
لا يزال ماثلاً في الأذهان وعد أرييل شارون بأن الانسحاب من منطقة غزة سيعود بالنفع على إسرائيل لجهة حماية حدودها الجنوبية، وسيسهل عليها محاربة الارهاب. وهو أكد مرات لا تحصى على انه في حال تجرأت المنظمات الارهابية على استغلال الانسحاب الاسرائيلي من المنطقة فستدفع ثمناً باهظاً.

ان الامتناع الإسرائيلي عن القيام برد ساحق لا ينبع من الخشية في أن لا يلاقي هذا الرد الاستحسان من قبل الولايات المتحدة. أولاً، الولايات المتحدة لا تعارض محاربة الارهاب، وثانياً، هي غارقة اليوم عميقاً في شؤونها ـ الحرب في العراق، إيران، مشاكل اقتصادية ومعركة الانتخابات لمجلس الشيوخ وللكونغرس.

ومن المحتمل أن يكون ضبط النفس الذي فرضته الحكومة على نفسها خلال معركة الانتخابات الفلسطينية، نبع من خشيتها من أن يفضي المس بالمنظمات الارهابية المتطرفة إلى خدمة تلك المنظمات ما يؤدي إلى تغلبها على أبو مازن. لكن هذا السبب سقط الآن أيضاً.

هذا الأسبوع، في أعقاب الإصابة الخطيرة التي لحقت بمبنى سكني قرب كيبوتس كرميا، غادر المكان الكثير من العائلات التي سبق أن أخليت من غوش قطيف. والحكومة التي شعرت ان الكيل طفح، قررت القيام برد فوري. وعليه فإن العملية التي شنتها طائرات سلاح الجو التي استهدفت مطلقي صواريخ القسام وقتل خمسة من كبار المسؤولين الفلسطينيين، شكلت تكراراً لنهج التصفية المركزة الذي حصد في السابق نجاحات مثيرة.

ثمة من يعتقد أن أسلوب توجيه الضربات من الجو غير ناجع بما يكفي للقضاء على عمليات اطلاق القسام. وكان ارييل شارون هو من أشار إلى التكتيك الناجع لتصفية الارهاب في أرجاء قطاع غزة. وتجلى اعتقاد شارون الرئيسي عبر التصريحات والوثائق. وأشار شارون إلى ان التسوية السياسية هي الحل النهائي، لكنه أوضح "أننا لن نصل إلى المفاوضات بشأن التسوية السياسية من منطلق الخضوع للارهاب، إنما بعد تحطيم الارهاب وتدمير عصاباته على ارضها"، مع التأكيد على كلمة "على أرضها".
لقد قرر شارون أنه ليس ثمة نية لإعادة السيطرة على أراض في غزة، بل السيطرة مؤقتاً على المواقع التي تنطلق منها عمليات المس بالمستوطنات في إسرائيل، إلى ان يتم تحطيم الارهاب ومنفذيه تحطيماً مطلقاً. كما قرر أنه إذا لم تكن إسرائيل مصممة وحازمة في نشاطها هذا في ضوء الارهاب المنفلت، فمن شأنها أن تدفع ثمناً أكثر فداحة، لأن منظمات الارهاب تتطور وتستخدم وسائل قتالية أشد خطورة من السابق.

من شأن قرار الحكومة العمل بشدة تشجيع المستوطنين في النقب الغربي. لكن، إذا لم تؤد عمليات سلاح الجو إلى وضع حد لارهاب صواريخ القسام، فسيتعين على الحكومة إيجاد أساليب عمل إضافية لضمان سلامة سكان إسرائيل، ومن بينها دراسة "تكتيك شارون".