نجيب نصير

لا أعتقد ان احد في عالم اليوم يستطيع القول انه ( ما دخلنا ) ، ولا يستطيع أحد اليوم التشدق بالخصوصية والهويه والثوابت ، كما انه لا يستطيع أحد اليوم ان يقول هم تسببوا فليدبروا رأسهم ويدبرونا معهم ، اللهم الا من فقد الوجدان الانساني وترك رعايا الله لله ناكرا على العلم والمعرفة اللتان دعانا اليهما الله قدرتهما على تخليصنا والآخرين من هذا المأزق ... انها انفلونزا الطيور القاتل والذي ظللته السياسة والمصالح حتى الآن .. ولكنه وياللأسف مرض بلا هوية وطنية او قومية وأو ايديولوجية ، وليس آثما أو مؤثما كالايدز مثلا ، ولا يمكن اتهام الغرب الحقير الذي سقطت عنه الاخلاق بالتسبب به ... ماذا اذا ؟؟؟

منظمة الصحة العالمية تقر وتعترف ان ليس لديها من معلومات ومعارف عن هذا المرض اكثر مما لدى وزارات الصحة ومراكز الابحاث في دول العالم .فالمرض جديد ومتقلب وهي بحاجة الى كل معلومة شاردة او واردة كي تعمل عليها في محاولة تحويلها الى معرفة منقذة للبشر أي ان الدور هنا على الدول ،اي اننا امام لحظة تاريخية ومفترق وجداني عالمي اسعافي يساءل الامم ما فعلتم او ماذا قدمتم للبشرية وماذا تستطيعون الآن ؟؟؟

اعتقد ان هناك فرصة لأممنا العربية ان تقول شيئا ، بعد ان فاتها قطار الايدز وجنون البقر والسارس الخ الخ من الامراض المعاصرة ، فالمرض من الناحية التراثية مضمون تماما لأنه ينتقل بسبب هجرة الطيور التي وجدت منذ بداية التاريخ ، اي انه لا ينتقل بسبب جاسوسة جميلة ، ولا بمؤامرة ، ودورنا في مقاومته كأمم عربية يطابق حصتنا منه كمرضى فماذا نحن بفاعلون ؟ أمن المعقول ان تمر كل امراض العصر ونحن نقف على ابواب مانحي أو بائعي الادوية نستجديهم مساعدة او تنزيل سعر في حال وافقوا على التزويد ؟؟أم ان مراكز ابحاثنا تنتظر استكمال اجراأتها الادارية كي تقوم ومن ثم تبدأ من حيث بدأ باستور أم ماذا ؟

عذرنا اننا دول عالم ثالث ،( وكذلك كانت الى وقت قريب الهند وماليزيا وكوريا وغيرها ، ) ولكن هل يعرف المرض التفريق بين هذه العوالم ، ام ان حيواتنا اقل قيمة من ان يفكر بها بطريقة علمية منهجية صارت مكشوفة حتى للاطفال ،أم هذا ما تعنيه حصوصيتنا وتميزنا ... ان نكون غير هيابين من الموت حتى لو كان انفلونزا الطيور ؟ ذاهبين الى الشاعر القديم الذي يمجد الموت بأنفلونزا الطيور على ان لا تهدر كرامتنا بمركز ابحاث يفكر بطريقة غربية حيث قال :

ولا تجعلن من الانفلونزا مطية فالغرب انكر من نكير النواكر
يا عتبة اسلح يمينك الى الوغى فالموت اشرف من عظيم الشواهر الخ الخ الخ
( راجع طبقات ابن سفدرون الصفحة 106)

هل يمكن الحلم انه خرجنا الى العالم ( بترياق ) ضد انفلونزا الطيور ؟؟ هل يمكن للنطاسيون الذين ملأوا كتب التراث ان يساعدونا في هذه المهمة ؟؟؟ ام ان اختصاصنا مختلف تماما وربما معاكسا ،او ربما ذكيا ولماحا كأن نقترح على العالم اما قتل جميع البشر او قتل جميع الطيور والبقر والقرود وهكذا وبطرقة منطقية نستطيع القضاء على الامراض جميعها وبشكل أكيد !! أم ان البال الطويل اثبت فعاليته في مقاومة هكذا امراض :ان نقول ( طولوا بالكم ) فأما المرض سوف يتقلص تلقائيا او نموت والى ذللك يحلها الحلال .

انفلونزا الطيور هو تحد لكل امة تدعي انها مازالت قائمة على ظهر البسيطة ، يكشف عمقها وجديتها في الحضور انطلاقا من اصغر تفاصيل ادائها وحتى مشاريعها المستقبلية الكبرى ،فأين نحن من هذا التحدي الصغير ... الصغير ... الصغير ....