موازنة 2006 والورقة الإصلاحية اختبار جديد لتضامن الحكومة

يتوقع مرجع رسمي ان تباشر الحكومة ورشة عمل بعد الرابع عشر من الشهر الجاري موعد احياء ذكرى مرور سنة على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فتدعو الى عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء من اجل درس البرنامج الاصلاحي واقراره كي يعرض على مؤتمر بيروت للدول المانحة عند انعقاده بغية الحصول على المساعدات المالية التي يحتاج اليها لبنان تحسينا لأوضاعه الاقتصادية والمالية والاجتماعية واطفاء دينه العام.

وكان في نية الرئيس السنيورة مباشرة ورشة الاصلاح من قبل، لولا اعتكاف وزراء "التحالف الشيعي" الامر الذي حال دون ذلك، وبات مطلوبا التعويض عن الوقت الضائع بعقد سلسلة جلسات لمجلس الوزراء تخصص لدرس البرنامج الاصلاحي واقراره قبل ان يطرأ ما يحول دون ذلك، سواء كان سياسيا او امنيا.

والوقت الذي انقضى في الازمة الحكومية اضاع على البلاد الكثير من الجهد، وبات من الواجب اغتنام الفرصة للتعويض عما انقضى خشية حصول تطورات كالتي وقعت في تظاهرة الاحد 5 شباط وحصلت فيها اعمال شغب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.

وعلى امل ان يسود الهدوء الامني والسياسي، فان موضوع التحضير لانعقاد مؤتمر "بيروت – 1" سوف يعود الى واجهة الاهتمام حيث تستكمل الاجتماعات الوزارية لمناقشة الورقة الاصلاحية التي وضعتها اللجنة الوزارية، لا سيما موضوع مؤسسة الكهرباء التي تستنزف اموالا ضخمة تفوق المليار دولار في السنة، وسوف تظهر هذه الاجتماعات مدى وحدة الرؤية في المعالجات المطروحة في البرنامج الاصلاحي واين تكمن فيه نقاط الخلاف وامكان التوصل الى حل لها لا سيما ما يتعلق منها بالخصخصة والضرائب والرسوم الجديدة او المعدلة بهدف خفض عجز الموازنة وكلفة الدين العام والتي على اساسها سيطلب لبنان المساعدات. وسيكون درس مشروع موازنة عام 2006 في مجلس الوزراء، وما سيتضمنه من اصلاحات مكملا للورقة الاصلاحية، بحيث ان العجز في موازنة 2006 مرتبط الى حد كبير بمؤتمر بيروت للدول المانحة وبحجم المساعدات التي سيحصل عليها لبنان من خلاله.

ويقول مصدر وزاري ان مناقشة موازنة 2006 والورقة الاصلاحية ستضع التضامن الوزاري على المحك، فاما ان يتوافق اعضاء الحكومة في جلسات مجلس الوزراء على اقرار الموازنة والاصلاحات فتواجه الحكومة مجلس النواب متضامنة في الدفاع عنهما بوحدة رأي وموقف، وعندها يصبح الامل كبيرا في انعقاد مؤتمر "بيروت – 1" والحصول على المساعدات التي يحتاج اليها لبنان، واما يتعذر الوصول الى هذا التوافق، فيتعثر عندئذ اقرار الاصلاحات المطلوبة شرطا لانعقاد المؤتمر ويصبح الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد معرضا للخطر نتيجة عدم الحصول على المساعدات التي تحتاج اليها الحكومة للنهوض بلبنان في شتى المجالات...

والسؤال المطروح هو: اي موقف سيكون لوزراء "التحالف الشيعي" من موازنة 2006 ومن الورقة الاصلاحية، هل تكون لهم آراء متباعدة عن آراء الاكثرية، تجعل الخلاف يبلغ حد الاعتكاف مرة اخرى، او الانسحاب من الحكومة اذا لم تأخذ الاكثرية بهذه الآراء. وهل يعترض وزراء "التحالف الشيعي" على حسم هذا الخلاف باللجوء الى التصويت تطبيقا للمادة 65 من الدستور ويصرون على اعتماد مبدأ التوافق من دون سواه؟

ان الحكومة تمر، برأي بعض المراقبين في مرحلة امتحان جديدة قد تكون اصعب من اي مرحلة، فاما انها تتوافق حول موازنة 2006 والورقة الاصلاحية فتمهد بذلك لانعقاد "مؤتمر بيروت – 1"، وتضمن الحصول منه على المساعدات اللازمة، كما تضمن استمرار بقائها، واما تواجه خلافات يتعذر تسويتها، ويحمل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية حصول هذه الخلافات التي تحول دون اقرار الاصلاحات المطلوبة كشرط للحصول على المساعدات، وعندئذ لا يبقى مبرر لاستمرار الحكومة.

لقد اكد الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمة له على اثر اتخاذ قرار بعودة وزراء "التحالف الشيعي" عن اعتكافهم "ان الحزب يطالب بتطبيق الدستور بشكل حقيقي اي حصول التوافق، واذا لم يحصل تلجأ الى التصويت، وقال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ان "العودة الى تطبيق البيان الوزاري ستكون بالتوقف عند النقطة والفاصلة هذه المرة، واكد ان كل موقف خارج ما اتى به البيان الوزاري، هو خروج عن الموقف الوطني" مضيفا و"على هذا الاساس سوف نحاكم المواقف ونتعاطى مع كل الافرقاء الممثلين في الحكومة وغير الممثلين فيها".

ويقول مرجع حكومي في هذا الصدد ان البيان الوزاري وصف الحكومة بحكومة "الاصلاح والنهوض"، وقد تضمن الخطوط العريضة للاصلاحات المنوي اجراءها، فعلى جميع الوزراء التزام ما جاء فيه وقد اقروه في مجلس الوزراء، وعلى مجلس النواب الذي منحها الثقة على اساسه محاسبة الحكومة اذا لم تلتزم تحقيق مضمون هذا البيان.

وبما ان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يطالب بتطبيق الدستور اي الحصول على التوافق واذا لم يحصل، يصير اللجوء الى التصويت، فان المادة 65 من الدستور حددت المواضيع الاساسية التي يحتاج اقرارها الى توافق، واذا تعذر ذلك، فبتصويت اكثرية ثلثي عدد اعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها، ومن هذه المواضيع الموازنة العامة للدولة. فلا خوف اذاً من عدم تجاوز الخلافات ما دام حسمها يتم بالتصويت اذا تعذر التوافق" وليس لأي طرف ان يضيف الى المشاريع الاساسية المحددة في الدستور وعددها 14 اي مشروع آخر ليصبح خاضعا لأحكام المادة 65، الا بتعديل هذه المادة او الاتفاق على اعتماد "عرف" جديد في تطبيق هذه المادة يقضي باخضاع مواضيع اخرى تعتبر اساسية لاحكامها.

هل تجتاز الحكومة "قطوع" الخلافات المحتملة على موازنة 2006 وعلى الورقة الاصلاحية، ام ان الازمة الحكومية التي انقضت، لن تكون الاخيرة سواء بسبب الاصلاحات، او لأي سبب آخر لأن ثمة من يتربصون بها منذ اليوم الاول من تشكيلها...