معاودة مطالبة قوى 14 آذار بشدة وبنبرة مرتفعة امام الحشد الشعبي الواسع لمناسبة مرور سنة على اغتيال الرئيس الحريري باستقالة الرئيس لحود تطرح في الاوساط السياسية والنيابية أسئلة عدة حول طريقة التوصل الى تحقيق ذلك خصوصا اذا ظل "التحالف الشيعي" و"التيار الوطني الحر" يعارضان ذلك ولهما شروطهما للقبول بالبحث في هذا الموضوع وظل النظام السوري ايضا يدعم بقاء الرئيس لحود حتى نهاية ولايته.

مصادر قريبة من الرئيس لحود كانت قد ردت على تكرار المطالبة باستقالته بالقول ان ذلك أصبح من "الكليشيهات" التي تلجأ اليها هذه القوى في كل مناسبة لابقاء هذا الموضوع قيد التداول علما ان قوى 14 آذار تعرف أكثر من غيرها ان هذه المسألة تبقى مطلبا سياسيا لا يحظى بالاجماع الوطني المطلوب وهو يصدر عن فرقاء سياسيين لكل منهم أسبابه ومصالحه بينما هناك فرقاء آخرون لهم حضورهم السياسي والشعبي الكبير ومرجعيات وطنية وروحية تؤيد مثل هذا الطرح اضافة الى عدم وجود أسباب جوهرية وقانونية ودستورية لهذا الطلب مما يبقيه في اطار الجدل السياسي ومادة خلافية وليس أكثر.

لكن في اوساط قوى 14 آذار ما يفيد ان ثمة اتصالات تجري محليا واقليميا ودوليا من أجل حمل الرئيس لحود على الاستقالة بدعوى ان لا قيام لدولة قوية قادرة في لبنان ما دامت حركة التغيير لم تكتمل وما دامت البلاد تحكم بسلطتين، سلطة الرئيس لحود ومن معه، وسلطة قوى 14 آذار. الامر الذي يعرض عمل المؤسسات للشلل ويجمد اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والمالية المهمة ويبقي حالة التجاذب المؤذية بين هاتين السلطتين، وهذا يفرض التعجيل في تغيير رأس السلطة لتصبح واحدة موحدة من أجل اطلاق عجلة الحكم في كل مؤسساته من دون عوائق. فهل تنجح الاتصالات الجارية مع الفاعليات السياسية والاقتصادية في التوصل الى ما يجعل الرئيس لحود يتخلى عن منصبه ويفسح في المجال امام اجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟

يقول مصدر يتابع هذه الاتصالات ان هناك وسائل عدة يمكن اللجوء اليها لحمل الرئيس لحود على الاستقالة منها:

أولا: تأمين أكثرية الثلثين من عدد النواب الذي يتألف منه المجلس بحيث يصبح في الامكان التقدم باقتراح قانون يقضي باختصار ولاية الرئيس لحود باعتبار انها ولاية ممددة خلافا للدستور، وهو ما جعل مجلس الامن الدولي يصدر القرار 1559 الذي أكد في بنده الاول ذلك، لكن البعض يخشى الطعن بهذا الاقتراح امام المجلس الدستوري. وتأمين اكثرية الثلثين يحتاج الى أصوات نواب كتلة "التغيير والاصلاح" وهي أصوات لا تنضم الى هذه الاكثرية ما لم يتم الاتفاق مسبقا على المرشح الرئاسي الذي سيخلف الرئيس لحود او يجري العمل على شق هذه الكتلة بضم عدد من النواب فيها الى صفوف الاكثرية.

وهناك التحالف الشيعي الذي يؤمن أكثرية الثلثين في حال صار الاتفاق مع "حزب الله" او مع حركة "أمل". لكن "حزب الله" الذي يدعم بقاء الرئيس لحود في منصبه حتى نهاية ولايته، لا يتخلى عنه، الا اذا ضمن مجيء رئيس خلفا له، لا تختلف سياسته، لا سيما حيال المقاومة، عن سياسة الرئيس لحود او يوافق على "ورقة التفاهم" بين العماد ميشال عون والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. أما حركة "أمل" فانها لا تغامر بفك تحالفها مع "حزب الله" الا اذا عوضت ذلك بالاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ترتاح اليه ويضمن لها مصالحها السياسية والخدماتية والانتخابية، ويبقى نبيه بري رئيسا لمجلس النواب.

ثانيا: ان يتم التوصل من خلال الشورى والحوار بين مختلف الاحزاب والكتل والتيارات الى اتفاق على وضع حد للحالة الشاذة التي تعيشها البلاد منذ ان حصل التمديد للرئيس لحود خلافا لارادة الاكثرية الشعبية وللارادة الدولية وذلك بوضع مواصفات للمرشحين المؤهلين لمنصب الرئاسة الاولى ومبادىء يتقيد بها المرشح ويلتزمها.

ثالثا: ان يتم التوصل من خلال المساعي العربية وتحديدا المصرية والسعودية لمعالجة العلاقات اللبنانية – السورية بحيث يكون مصير الرئيس لحود من ضمن مواضيع البحث التي تعيد هذه العلاقات الى طبيعتها بدءا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فتكون سوريا بذلك قد صححت خطأ ارتكبته بفرض التمديد ومخالفة قرار مجلس الامن. لكن سوريا قد لا تقبل التخلي عن دعم بقاء الرئيس لحود في منصبه، الا اذا صار اتفاق على المرشح الذي سيخلفه، ويكون ممن ترتاح وتطمئن اليه، لانها ترفض انتخاب رئيس للجمهورية يكون معاديا لها او لا ترتاح اليه، ويصعب بوجوده استمرار العلاقات جيدة بين البلدين.

رابعا: ان يصدر تقرير لجنة التحقيق الدولية وفيه ما يضع الرئيس لحود في دائرة الشك حيال معرفته المسبقة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري، فلا يعود عندئذ بامكان أي حزب أو مرجعية سياسية ودينية تغطية بقائه حتى نهاية ولايته فيضطر الى الاستقالة.

خامسا: ان يكون الاحتفال بذكرى مرور سنة على انتفاضة الاستقلال في 14 آذار مناسبة للدعوة الى التظاهر والاضراب العام في البلاد بحيث لا يتوقف التظاهر والاضراب الا بعد ان يعلن الرئيس لحود استقالته فيتحقق في هذا التاريخ انسحاب لحود من قصر بعبدا بعدما تحقق في التاريخ نفسه انسحاب القوات السورية. وبما ان منصب الرئاسة الاولى هو للموارنة، فان من حق الاكثرية في الطائفة ان تقرر مصير هذا المنصب وليس سواها، وذلك على غرار ما فعلت الطائفة الشيعية عندما فرضت بري رئيسا لمجلس النواب باعتبار ان هذا المنصب يخصها.

سادسا: ان تستقيل الحكومة لتفتح أزمة حكم بعد تعذر تشكيل حكومة جديدة. ولا خروج عندئذ من هذه الازمة الا باستقالة رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس جديد بحيث يتم ذلك تحت ضغط الاضرابات والتظاهرات سواء كانت مؤيدة او معارضة. وهو ما لا تستطيع الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية تحمله خصوصا عندما تقفل المحال التجارية والمصانع ابوابها في كل لبنان لتصبح استقالة لحود لا مفر منها.