هتسوفيه
ذكرت صحيفة معاريف في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أن المؤسسة الأمنية قلقة من أنه بعد انهيار الجبهة الشرقية القديمة التي كانت تضم العراق وسوريا والأردن، تشكلت الآن الجبهة الشرقية الجديدة: إيران، سوريا، حزب الله وحماس. أربعة أياد تمتد من جسم واحد، تتلقى أوامر من رأس واحد، من الأفعى القابعة في طهران. والآن غرس الوتد هنا فعلاً، في باحتنا الخلفية. حماس هي اصبع في اليد الإيرانية، يجري مدها من مسافات بعيدة وها هي تلامس هدفها.
تؤكد معاريف بذلك ما سبق أن نشرته "هتسوفيه" يوم الأربعاء الماضي ومفاده أن المؤسسة الأمنية تدرس الفصل التام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد أن تتشكل حكومة حماس. وبحسب الخطة التي تبحث في هذه الأيام من قبل محافل مختلفة في وزارة الدفاع، ستوقف إسرائيل معظم النشاطات على المعابر التي تربط بين إسرائيل وقطاع غزة. كما لن يتم تشغيل خطة تسيير قوافل فلسطينيين بين القطاع والضفة. وسيتم إغلاق معبر سوفه بشكل تام. أما معبرا إيرز وكارني فسيعملان بشكل مقلص. وستتوقف عملية دخول العمال الفلسطينيين من القطاع الى اسرائيل، وسيسمح لفترة زمنية محدودة فقط بدخول التجار. وهذا التقليص لن يتم دفعة واحدة بل بشكل تدريجي. وفي نهاية هذه العملية لن يسمح للتجار أيضاً بالدخول الى إسرائيل. ومع ذلك، لا توجد نية لدى إسرائيل لقطع الكهرباء والمياه عن القطاع. كانت هذه المعلومات التي نشرت في "هتسوفيه".
تورد معاريف أن أوساطاً أمنية، من بينها رئيس الأركان، وزير الدفاع شاؤول موفاز، يوصون بقطع كل اتصال مع الفلسطينيين، عدم التحدث مع أي كان بما في ذلك أبو مازن، وقف المفاوضات كلياً، وقف تقديم المساعدات، عدم نقل الأموال، إغلاق المعابر، منع دخول العمال والسياح، منع كل شيء. نحن هنا وهم هناك. ومن اللحظة التي تتشكل فيها الحكومة الفلسطينية سواء كانت حماسية كلياً أو جزئياً، وسواء احتفظ أبو مازن بصلاحيات أم لم يحتفظ، فإنه من لحظة تشكيل الحكومة يتعين على إسرائيل سحب يديها والانسحاب. لا أحد يدخل أو يخرج، لا أحد يسمع أو يتكلم، المعابر مغلقة. سنواصل تزويدهم بالكهرباء والماء (مقابل البدل المالي)، وإذا كان ثمة ضرورة فسنزودهم بالحليب للأطفال الرضع أيضاً. هذا كل شيء. فليهتموا هم بأنفسهم، ولتنفعهم حماس. يجب علينا أن نصر على سياسة واضحة من دون أي صدع في الجدار، بحسب ما قال رئيس الأركان في المداولات.
المؤسسة الأمنية ترى في هذا الواقع "فك ارتباط ثان". وثمة خلاصتان ضروريتان في هذا المجال: الأولى تتمثل في أن ثبت مجدداً فشل الاعتقاد بأن الانسحابات تؤدي الى تحسن وضعنا الأمني. فنحن انسحبنا بشكل أحادي الجانب من القطاع، دمرنا منطقة استيطان مزدهرة، لكننا حصلنا على سلطة فلسطينية حماسية، وعلى صواريخ تسقط على المنشآت الحساسة في منطقة أشكلون (عسقلان)، وعم التهديد والخوف في مستوطنات غلاف غزة. "لا تلقوا علينا تهديداتكم ولا تخوفونا"، يجب أن يصرخ شمعون بيرس بحنجرة جافة. لكن ما العمل إذا كانت عملية القاء التهديدات التي يقوم بها اليمين هي دائماً السيناريوهات والأحداث الأكثر واقعية؟
الخلاصة الثانية التي تنبع من الأولى ومن كل ما أشير اليها آنفاً: "فك الارتباط" يكون على ما يرام شرط أن لا يكون مقروناً بتسليم مناطق إضافية. فطوال مسيرة أوسلو أدت الانسحابات دائماً الى تعزيز الارهاب. حان وقت تحديد الحدود الدائمة لدولة إسرائيل في الأماكن التي نجلس فيها اليوم، أي في المناطق "ج" الخاضعة لسيطرة إسرائيل والتي تشكل 60 في المئة من أراض الضفة الغربية، وترك مناطق "أ" و"ب" كمناطق للحكم الذاتي الفلسطيني.