هآرتس
فيما تعرض طيارو (الاحتياط) الطائرات الحربية الاسرائيلية الذين رفضوا المشاركة في عمليات التصفيات المركزة (الاغتيالات) لأسباب ضميرية للطرد من الجيش الاسرائيلي إلى الأبد، حصل معارضو الإخلاء لغوش قطيف على عفو من رئيس الأركان وقُبلت عودتهم إلى الخدمة العسكرية. وقد حصل ذلك على الرغم من أنه قبل بضعة أشهر فقط قال رئيس الأركان دان حالوتس إنه "لا ينوي تجاهل أو التهاون" مع ظاهرة التمرد في أوساط الجنود اليمينيين، وأن الجنود الـ63 الذين رفضوا المشاركة في عملية الإخلاء لن يكون في مقدورهم الخدمة كمقاتلين وستُلغى تسوية الخدمة المقلصة الخاصة بهم. كما وعد رئيس الأركان أيضاً بإلغاء التسوية مع مدرستين دينيتين دعا قادتها إلى رفض الأوامر العسكرية. إضافة إلى ذلك، تنازل المستشار القضائي للحكومة عن تقديم لوائح اتهام ضد الذين تصرفوا بعنف خلال عملية الإخلاء. فكل شيء جائز في محاولة لمصلحة المتمردين وإعادتهم إلى كنف الدولة.
هذا التسامح مع التمرد والعنف، والفشل في محاكمة مدنسي حرمة المساجد ومقتلعي أشجار الزيتون وحارقي سيارات رجال الشرطة وملاحقي الضباط والجنود الذين يُعتبرون عملاً في نظر المستوطنين منذ الإخلاء، كل هذا لا يعزز من قوة الجيش الاسرائيلي خلال فك الارتباط التالي بل سيضعفه، وسيمس بصدقية قيادة رئيس الاركان. كما أن اعتزام رئيس الأركان تعيين مستوطن من ايتمار، آبي رونتسكي، حاخاماً رئيسياً للجيش الاسرائيلي، من أجل جسر هوة اللاثقة بين جنود المعاهد الدينية وبين القيادة، يشكل آخر تصرف لرأب الصدع، وبينما نرى أنه ليس للطيارين الرافضين مجموعات كبيرة من مخالفي القانون تقف وراءهم وانهم لا يملكون سوى ضميرهم الشخصي، فإنه في المقابل يقف وراء كل رافض من أوساط المستوطنين كتائب من الفتية المتضامنين معهم والمؤيدين لهم.
إن تعيين حاخام رئيس للجيش الاسرائيلي من داخل مستوطنة متطرفة في محاولة للحصول على رضى المتطرفين، يدل على الضعف والخوف مقابل المستوطنين. فبعد عدم تنفيذ وعد إلغاء التسوية مع المعاهد الدينية التي دعا قادتها إلى رفض الأوامر، تقرر التقرب من المستوطنين ونيل رضاهم من خلال تعيين الحاخام رونتسكي. وتجدر الاشارة إلى أنه في الفترة الأخيرة كان روتنسكي شريكاً في بلورة الخلاصات الداعية إلى مزيد من الفصل بين الجنود والمجندات في الجيش الاسرائيلي ـ ضمن مشروع باسم "الدمج المناسب" الذي أوكلت مهمة تنفيذه إلى ضباط مميزين مهمتهم الاهتمام بتقليص الاحتكاك بين الجنود المتدينين وبين الجنود العلمانيين إلى الحد الأدنى. والنتيجة الفورية "للدمج" كانت إبعاد المجندات عن مهمة التوجيه والتدريب كي لا يضطر جنود المعاهد الدينية إلى الاحتكام بهن، ووضع جنود مكانهن.
تعيين رونتسكي مرفوض لمنصب الحاخام العسكري الرئيس في الجيش الاسرائيلي، وهذا الرفض لا يعود فقط لأنه صرح بأنه في كل مرة تصطدم فيها الشريعة اليهودية مع الشيفرة الأخلاقية للجيش الاسرائيلي، فإن الشريعة هي التي تتغلب. وعليه فإن خطر "الصلاحية المزدوجة" الذي نبه وحذر منه رئيس الأركان قبل شهرين فقط، يتجسد في هذا التصريح بشكل كامل وقوي. ربما يُعتبر الحاخام روتنسكي معتدلاً نسبياً بالنسبة لسكان ايتمار، وأن مجرد تعاونه مع الجيش الاسرائيلي يشكل عملاً بطولياً في الأماكن التي يأتي منها، لكنه ليس مناسباً ليكون الحاخام الرئيسي لعموم جنود اسرائيل ـ وهو كذلك طبعاً في هذه الفترة التي تتطلب معلماً يحمل تربية عالمية لا تربية مستوطنين، كما تجلى ذلك في النصائح التي اعطاها إلى السكان المتدنيين الذين طلبوا رأيه من مسألة معالجة الجريح غير اليهودي يوم السبت. فإذا كان لا يمكن إرغام حاخام معين على تفسير الشريعة في اتجاه ما، إلا أنه يمكن ابعاده عن أي تأثير على جنود الجيش الاسرائيلي.