تناول المعلّق زئيف شيف في "هآرتس" امس الدوافع وراء تصريحات الرئيس الايراني المعادية لاسرائيل واليهود مستطلعا الاهداف السياسية البعيدة لهذه المواقف، ننقل ما جاء في المقال: "بعد تصريحات الرئيس الايراني احمدي نجاد عن المحرقة وضرورة شطب اسرائيل عن الخريطة، قال احد رؤساء المخابرات الاسرائيلية بسخرية: لقد نجحنا، انتخب اسوأ مرشح للرئاسة الايرانية. وبالفعل ليس هناك ما يضر ايران امام الرأي العام الغربي من تصريحات احمدي نجاد. فقد اعطى ذريعة اضافية لخطر امتلاك ايران السلاح العسكري النووي. الكثيرون يسألون لماذا قرر الرئيس الايراني اعطاء هذه التصريحات في هذا الوقت بالذات حيث الوكالة الدولية للطاقة والولايات المتحدة واوروبا على وشك طرح الموضوع النووي الايراني على مجلس الامن؟

ما الذي يشجع احمدي نجاد؟ يقول خبراء في الشأن الايراني ان التصريحات هدفها تحويل الرأي العام في ايران عن الضائقة الاقتصادية الداخلية. هذا تفسير سطحي. يقول خبراء سياسيون في تركيا يتابعون ما يحدث في ايران ان احمدي نجاد يشعر بأن الثورة التي بدأت مع صعود الخميني الى السلطة اخذت بالافول. وبدأ الجيل الشاب الذي يعاني البطالة بالابتعاد عن افكار الثورة واخذ يتطلع الى الخارج. لذا اعتقد نجاد ان المواجهة مع العالم الغربي ستؤدي الى وحدة الشعب الايراني والعودة الى جذور الثورة.

ولكن من خلال محادثاتي مع الايرانيين سمعت تفسيرا جديدا: يسعى احمدي نجاد الى تصوير نفسه زعيما وقائدا للشعب الاسلامي. ويتوجه في تصريحاته قبل كل شيء الى العالم الاسلامي. فلقد استنتج الايرانيون ان الجمهور العربي حتى في الدول التي وقعت اتفاقات سلام مع اسرائيل معاد في غالبيته لاسرائيل وهو يرضى بأحمدي نجاد. يضيف الايرانيون ان احمدي نجاد تعوزه التجربة ومقاربته السياسية تبسيطية للغاية. ويذكرون انه عام 2001 ادلى بتصريحات مخجلة تدل على شخصيته وكانت تتعلق بالمستشار الالماني حينذاك غيرهارد شرودر. ففي ذلك الوقت احتجت المانيا على محاكمة عدد من الايرانيين من الحركة الاصلاحية القوا خطبا في مؤتمر عقد في برلين... علق احمدي نجاد على ذلك بالقول: العقلية الالمانية هي عينها التي كانت سائدة خلال حكم هتلر. ولم يتغير سلوكه ولا مواقفه بعد انتخابه رئيسا لبلاده. بل عاد يكرر تصريحاته المتعلقة باسرائيل وباليهود. يقول خبراء ايرانيون ان لأحمدي نجاد استقلالية كاملة في ما يتعلق بالموضوعات الداخلية، ولكن كل ما له علاقة بالموضوعات السياسية الحساسة وبالموضوع النووي ينسق مواقفه مع غيره في القيادة الايرانية، وكل عملية تحسب بدقة في ايران.

بالنسبة الى اسرائيل لا يهمها ما هي تماما دوافع احمدي نجاد. فالثابت ان رجلا مثله قد يمسك بزمام السلاح النووي في دولة ذات نظام ديني متعصب. نظام يدلي بتصريحات لم نسمعها منذ حكم هتلر.