«الشرق الأوسط»

اعلن علي لاريجاني، كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي، ان ايران لن تضع حدا لنشاط «الابحاث» الحساسة في المجال النووي، حتى لو تمت احالة ملفها الى مجلس الأمن الدولي. وقال لاريجاني للصحافيين، ان «الابحاث والتطوير يخدم مصلحتنا الوطنية وايران لن تعدل عن ذلك». واضاف ان «نقل القضية الى مجلس الأمن لن يجعل ايران بالتأكيد تتراجع على مستوى الابحاث والتطوير». مشيرا الى ان طهران قد تقوم حتى بتخصيب اليورانيوم على النطاق الواسع. كما لمح الى ان ايران قد تستخدم النفط سلاحا، اذا تعرضت لمزيد من الضغوط الدولية بشأن برنامجها النووي. وقال لاريجاني «ليست لدينا مصلحة في استخدام النفط كسلاح، لاننا نحترم الأمن النفسي للاسرة الدولية، لكن بالطبع اذا غيرت الاسرة الدولية الوضع فهذا سيؤثر على موقفنا»، من دون مزيد من التفاصيل. وتأتي هذه التصريحات عشية اجتماع مهم للوكالة الدولية للطاقة الذرية، سينظر في الملف النووي الايراني وامكانية احالته الى مجلس الأمن الدولي.
من ناحيته، اعلن حميد رضا آصفي، المتحدث باسم الخارجية الايرانية، ان ايران ليست مستعدة للتفاوض بشأن انشطة تخصيب اليورانيوم التي تعتزم مواصلتها بأي ثمن. وقال آصفي، خلال مؤتمر صحافي، ان «الابحاث النووية ستستمر ولن تطالنا التهديدات وحملات الدعاية والترهيب».

وقال آصفي «على الغرب الا يرتكب خطأ الاعتقاد باننا نريد التفاوض حول انشطة البحث». واضاف «لدينا حقوق وعلى الغربيين قبولها». ويرفض الغربيون ان تقوم ايران بانشطة تخصيب حتى لاغراض البحث، لان هذه العملية تسمح بالتوصل الى انتاج سلاح نووي. وتابع المتحدث الايراني «انه موضوع خلاف بيننا وبين اوروبا»، مشيرا الى ان مثل هذه الانشطة «تثير القلق اذا كانت سرية، لكنها تتم بشفافية وتحت رقابة كاميرات الوكالة الدولية». ويخشى الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ان تتمكن ايران عبر عمليات تخصيب اليورانيوم من التوصل الى امتلاك السلاح النووي، وتنفي ايران باستمرار ذلك. وقد يفضي الاجتماع الجديد للوكالة الى ادانة جديدة لانشطة ايران في المجال النووي.

وحذر آصفي من انه «لو توترت الاجواء (في مقر الوكالة)، فان الجانب الاخر هو الخاسر ولن تكون ايران وحدها خاسرة». وحمل المتحدث الولايات المتحدة مسؤولية فشل المفاوضات بين طهران وموسكو، حول اقتراح روسي لتخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا. وقال ان «اميركا توتر اجواء المفاوضات مع روسيا تماما، كما فعلت خلال المفاوضات مع الاوروبيين».

من جهة ثانية، اعلن نائب وزير الخارجية الايراني مهدي مصطفوي من المنامة، ان المخاوف من البرنامج النووي الايراني «لدى بعض دول المنطقة ليس لها مبرر»، وقلل من شأن أية عقوبات اقتصادية يمكن ان تفرض على ايران، بسبب اصرارها على مواصلة برنامجها النووي. وقال مصطفوي، في مؤتمر صحافي عقده في السفارة الايرانية مساء اول من امس في المنامة، ان «المخاوف الموجودة من البرنامج النووي الايراني لدى بعض الدول في المنطقة ليس لها مبرر (...) اذا كانت هناك مبررات للخوف، فيجب ان يكون من البرنامج النووي الاسرائيلي وليس الايراني». وقلل مصطفوي من أية تأثيرات محتلمة في حال فرض عقوبات اقتصادية على ايران بسبب اصرارها على المضي قدما في برنامجها النووي، وقال ان «العقوبات لم تطرح بعد»، مضيفا «لدينا تجربة في هذا المجال واليوم نحن لا نصدر أية بضائع للغرب وهذه المقاطعة اسهمت في تطوير قدراتنا الذاتية».

وسئل مصطفوي عما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» اول من امس، حول خطة اميركية لانشاء خط لمراقبة الانشطة الايرانية من الخليج الى المانيا، فاجاب «نحن معتادون على هذه الخطط الاميركية وهي لا تضرنا ونعرف كيف نتعامل معها». وجدد المسؤول الايراني موقف بلاده من برنامجها النووي وطبيعته السلمية، مؤكدا «ان هناك حاجة لتوفير الطاقة للاحتياجات المحلية» و«ان استخدام النفط والغاز على المدى البعيد ليس له جدوى اقتصادية». وكان المسوؤل الايرانى في زيارة قصيرة للمنامة ناقش خلالها مع المسؤولين البحرينيين العلاقات الثنائية بين طهران والمنامة والوضع في المنطقة. وفى فيينا، قال دبلوماسيون ان ايران قدمت الى القوى الاوروبية عرضا تتعهد فيه بعدم تخصيب الوقود النووي على نطاق صناعي لمدة عامين مع الاستمرار في الابحاث والتطوير. ولكن دبلوماسيين من الاتحاد الاوروبي رفضوا العرض قائلين انه لن يهدئ المخاوف من ان طهران تسعى سرا للحصول على قنابل ذرية. وقال دبلوماسي اوروبي مطلع على المحادثات، ان الاتحاد الاوروبي كان قد طلب عدم التخصيب لمدة تصل الى عشر سنوات وهو ما رفضته ايران. وقال دبلوماسي ان «عرض كبير المفاوضين الايرانيين علي لاريجاني لا يشكل اساسا للتوصل الى تسوية... العرض لم يكن له معنى بالنسبة لنا». وفي مقابلة مع صحيفة «كوريير» النمساوية، نشرت امس تجاهل لاريجاني فشل المحادثات مع الاوروبيين، واشار الى ان ما يهم في نهاية الامر، هو كيف تتفاوض الولايات المتحدة مع ايران. كما انتقد واشنطن قائلا انها ابدت ازدواجية في المعايير، بتوقيعها اتفاقات تجارية مع الهند القوة النووية، في الايام الاخيرة، في حين ترفض التعامل مع ايران. وقال لاريجاني «دولة تصنع قنابل نووية توقع الولايات المتحدة اتفاقات معها، والاخرى تريد طاقة نووية لاغراض سلمية. الفوضى لها السيادة على القانون الدولي». ولفت دبلوماسيون النظر الى ان ايران تنوي البدء في تركيب ثلاثة الاف جهاز طرد مركزي في وقت لاحق هذا العام. ويقول علماء نوويون ان تشغيل نحو 1500 جهاز طرد مركزيا بالتوافق فيما بينها من دون توقف لمدة عام، يمكن ان يؤدي لانتاج ما يكفي من يورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة ذرية. وقال دبلوماسي اوروبي «إصرارهم على القيام باعمال البحث والتطوير شمل على ما يبدو اجهزة الطرد المركزي الثلاثة الاف. ولهذا فانه لا يشكل اساسا للتسوية في نظرنا». وتسعى ايران في نهاية المطاف الى تشغيل 50 الف جهاز للطرد المركزي.

وتصر ايران على حقها السيادي في الحصول على الخبرة النووية مثل الدول الاخرى الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي. وحذر مسؤولون من ان أي اجراء لمجلس الأمن بشأن فرض عقوبات على ايران قد يدفعها للانسحاب من المعاهدة. وقال مسؤولون مقربون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ان محمد البرادعي مدير الوكالة، حذر مسؤولين غربيين يسعون لتدخل مجلس الأمن، من ان العالم ربما يضطر للتأقلم مع انشطة تخصيب على نطاق محدود في ايران، بموجب أي اتفاق مستقبلي. وتعترض روسيا والصين اللتان تمتلكان حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، ولهما استثمارات كبيرة في ايران على فكرة عزل طهران بالعقوبات كما تريد الولايات المتحدة.