دافعت صحيفة "هآرتس" امس في افتتاحيتها عن الخطة السياسية التي عرضها زعيم حزب "كاديما" ايهود اولمرت واقترح فيها انسحابا جديدا من الضفة الغربية من طرف واحد، ورأت الصحيفة ان ذلك سيدفع الفلسطينيين الى عدم ترك اسرائيل ترسم حدودها بصورة احادية، وننقل ما جاء في المقال: "الهدف الذي تسعى اليه خطة "الانكفاء" لايهود اولمرت هو الفصل بين اسرائيل والفلسطينيين. القائم باعمال رئيس الحكومة يبرر الخطة بالمصلحة الاسرائيلية: فالخطة ترمي الى التقليل من الاحتكاك الذي يولد العنف ويتطلب انفاقا امنيا ضخما. ويذكر اولمرت ايضا الخطر الديموغرافي، فخلال نحو 20 عاما سيتحول اليهود اقلية بين البحر ونهر الاردن. وعلى حكومة اسرائيل المحافظة على غالبية يهودية صلبة، والا فان وجودها معرّض للخطر. لذا يقترح الانكفاء الى المستوطنات ذات الكثافة السكانية، ومعنى ذلك اخلاء جزء من المستوطنات الموجودة بحيث يصبح الجدار الامني هو الحدود التي تفرق بين اسرائيل والفلسطينيين. يتضمن كلام مرشح "كاديما" تجديدا منشطا. منذ عام 1967 اعتادت البرامج الانتخابية للحزبين الكبيرين على الغموض واللغة المزدوجة. وللمرة الاولى يأتي اليوم مرشح يدعو الناخب الى تأييد خطة ملموسة للانسحاب.

ولكن اذا كان ما يجري الكلام عليه هو انسحاب فلماذا لا ننفذه عبر المفاوضات؟ يجيب اولمرت ان على الفلسطينيين ان يحسموا امرهم ويعلنوا تأييدهم لخريطة الطريق او عليهم ان يقولوا انهم يفضلون الانضمام الى "محور الشر" مع ايران وسوريا. وهنا تكون نقطة ضعف الخطة.

في الامكان بالطبع القول ان حماس ليست شريكا، هذا ما قالته اسرائيل طوال سنين عن منظمة التحرير الى ان جلست معها الى طاولة المفاوضات. وفي الامكان ايضا اشاعة اجواء سيئة من طريق وقف تحويل الاموال الى السلطة وربطها بالتصريحات المتطرفة لزعماء حماس والمتعلقة بعدم التنازل عن حق العودة. ولكن في امكاننا ايضا الاصغاء الى تصريحات اخرى لحماس تحدثت عن وقف اطلاق النار لمدة 15 الى 20 عاما مقابل انسحاب اسرائيل الكامل الى خطوط 1967. وبالطبع قد لا يعدو هذا ان يكون موقفا استهلاليا للمفاوضات.

ولكن في ضوء 40 عاما تقريبا من الاحتلال من الضروري النظر الى الصورة العامة الناشئة عن خطة اولمرت لنلاحظ انها مثيرة للامل. ومجرد بدء اسرائيل بخطة احادية سيجبر الفلسطينيين الى الاعتراف بالتغيير الكبير الناشئ، فبدلا من التوجه التوسعي الذي امتازت به اسرائيل تمر اليوم بمرحلة انكفاء. وسيدرك الفلسطينيون ان الخط الفكري لاسرائيل قد تغير.

وسيتوصلون الى الاستنتاج انه من غير المجدي اعطاء الاسرائيليين فرصة ترسيم الحدود بطريقة احادية الجانب لانهم بهذه الطريقة سيفقدون قدرة على التأثير على حدودهم الخاصة، مما يسهل المفاوضات".