الحياة

يدل عدد من المؤشرات في سورية، اخيرا، الى وضع ثلاثة «خطوط حمر» على حركة نشطاء حقوق الانسان والمعارضة في البلاد. الاول، رفض اقامة أي علاقة مع قوى خارجية والمشاركة في مؤتمرات المعارضة المدعومة من الخارج. الثاني، عدم القيام بأعمال ملموسة في الشارع. الثالث، يتعلق بالصحافيين بتجديد التذكير بعدم نشر الاخبار المتعلقة بأجهزة الأمن والقوات المسلحة من دون تصريح رسمي.

وتشهد سورية منذ تسلم الدكتور بشار الاسد الرئاسة اتساعاً في هامش التعبير بالنسبة الى الصحافيين والنشطاء السياسيين، يبدو واضحاً على مواقع الكترونية وفي البيانات السياسية والظهور التلفزيوني. كما تواصل الجهات الرسمية العمل على اقرار قوانين للاحزاب السياسية والانتخابات المحلية والبرلمانية المقررة السنة 2007، بالتزامن مع اصلاحات اقتصادية تدرجية تعزز القدرة السياسية على مواجهة الضغوطات الخارجية.

في المقابل، منعت قوات الشرطة اول من امس عدداً من الاكراد والعرب من التظاهر لمناسبة الذكرى الثانية لاحداث العنف التي جرت في مدينة القامشلي ومدن سورية اخرى، ذلك بعد قيام طلاب بتنظيم مسيرة تأييد ومنع متظاهرين من الاعتصام في ذكرى اعلان حالة الطوارئ. ودل ذلك ان «الخط الاحمر» يقترح عدم تحويل البيانات المكتوبة الى اعتصامات ميدانية.

يضاف الى ذلك، قيام السلطات بتوقيف عدد من النشطاء الذين شاركوا بمؤامرات في الخارج، ذلك بعد توصيات صدرت في المؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم تطالب بـ «فضح وتعرية معارضة الخارج». وقال المحامي انور البني امس ان القضاء وجه الى الدكتور كمال لبواني تهمة «الاتصال بدولة اجنبية لحملها على المشاركة بالعدوان على سورية» بموجب المادة 264 من قانون العقوبات العام التي تقترح عقوبة الاشغال المؤبدة واحتمال التشديد وتطبيق الاعدام في حال حصول أي عدوان. وكان لبواني اوقف في مطار دمشق قبل نحو ثلاثة شهور لدى عودته من الولايات المتحدة حيث التقى مسؤولين اميركيين، وطالب بدعم المعارضة لاجراء التغيير في سورية. كما اوقف اول من امس عضو «المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية» الدكتور عمار قربي لدى عودته من باريس وواشنطن بعد حضور مؤتمرات معارضة.

واذ رفض وزير الخارجية وليد المعلم الخوض مع السفراء الاوروبيين في موضوع مركز تدريب حقوق الانسان المدعوم اوروبيا، تمنع السلطات تأسيس جمعيات غير حكومية من دون الحصول على موافقات رسمية من السلطات المعنية بموجب القوانين المحلية، في مقابل تشجيع جمعيات اهلية وطنية. وعلمت «الحياة» ان المعلم ابلغ مسؤولا اوروبيا ان سورية «ترفض ان يدخل الاستعمار الجديد من بوابة رعاية المجتمع المدني وحقوق الانسان».

وفرضت الحكومة السورية اجراءات اضافية على الاميركيين الراغبين في الحصول على تأشيرة دخول الى البلاد. وكان الامر ذاته يسري على الاوروبيين الى حين تدخل المعلم بناء على طلب السفراء الاوروبيين، فجرى تسريع منح التأشيرات.

ويتعلق «الخط الاحمر» الثالث بالمعلومات العسكرية والأمنية. اذ جرت احالة مراسل صحيفة «النهار» الزميل شعبان عبود على القضاء العسكري الاسبوع الماضي على خلفية نشره اخبارا عن تنقلات امنية، ما عكس رغبة السلطات في تذكير المراسلين بعدم جواز نشر اخبار كهذه من دون تصريحات رسمية باعتبار ان ذلك «محظور بموجب القانون في جميع دول العالم».