الرأي العام

على خلاف ما كان يتصوره البعض من ان ايران وخشية من العقوبات الدولية، ستتراجع عن تمسكها ببرنامجها النووي في حال تم نقل ملفها النووي الى مجلس الامن، اذ يبدو من تصريحات القادة، واخرها ما قاله الرئيس محمود احمدي نجاد امس، في مدينة جرجان الشمالية «ان طهران لا تخشى التهديدات وانها لا يمكن ان تتخلى عما حققته على الصعيد النووي».
وقال احمدي نجاد امام حشد: «كنا خلال محادثاتنا المباشرة مع الغربيين على مدار الاشهر الاخيرة نعتقد بوجود بعض القادة العقلاء في اوساطهم، لكنه ثبت لنا في ما بعد ان «من الصعب جدا العثور على مثل هؤلاء القادة», وتابع: «اننا نقول لهم بان علماءنا الشباب تمكنوا بجهودهم من الحصول على تقنية انتاج الوقود النووي ولا توجد قوة بالعالم قادرة على حرمانهم من هذه المكاسب».
وردا على تصريحات بعض المسؤولين الغربيين في منع احمدي نجاد من الدخول لاوروبا اذا ما رفض تفكيك البرنامج النووي، رد الرئيس الايراني: «نقول لهؤلاء اننا غير راغبين برؤية وجوهكم وسنمضي في طريقنا حتى نصل الى قلل العلم والمعرفة».
ورد على تصريحات لوزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي قال ان «ايران والايرانيين يستحقون افضل من السياسة التي ينتهجها نظام جمهورية ايران الاسلامية», وقال ان «احدهم القى (اول من) امس خطابا كرر فيه انها ليست هذه ارادة الشعب وارد عليه قائلا: اصغوا جيدا الى الشعب».
ورد الحشد بالهتاف «الطاقة النووية حق مشروع».
من جهته، اعلن المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، ان الطريق التي اختارت ايران ان تسلكها في المجال النووي «لا رجوع عنها», وقال ان «استخدام التكنولوجيا النووية واجب وطلب وطني واي تراجع في المجال النووي سيعني فقدان البلاد استقلالها وستكون العقواقب وخيمة جدا».
وردد ان «اي تراجع سيفتح الطريق امام سلسلة ضغوط بلا نهاية وتراجع متواصل».
ورغم هذا الاصرار بعدم التخلي عن مكاسبها النووية، الا ان طهران لم تغلق الطريق بعد امام التوصل الى حلول وسط تحظى بقبول كل اللاعبين ، فهي ما زالت تردد ان التسوية تولد من رحم المفاوضات, وفي هذا الاطار، بدأ وفد برئاسة علي حسيني تاش، معاون الشؤون الاستراتيجية للمجلس الاعلى للامن القومي، في موسكو، الجولة الرابعة من المفاوضات حول المشروع الروسي على امل اقناع القادة الروس بحق طهران في مواصلة ابحاث الوقود النووي، وهو شرط طهران للقبول بهذا المشروع, كما وصل وفد برئاسة محمد جواد لاريجاني، المبعوث الخاص لاحمدي نجاد الى بكين، لشرح ابعاد الازمة النووية الراهنة وضمان الموقف الصيني في الاجتماع المرتقب لمجلس الامن.
ويبدو ان الديبلوماسية الايرانية ومن اجل ابقاء بلادها بعيدة عن مخاطر العقوبات الدولية تجتهد لاحداث شرخ في مواقف الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، مراهنة بذلك على العروض الاقتصادية المغرية التي تضعها على الطاولتين الروسية والصينية الى جانب ابداء ما امكن من ليونة في تعاملها مع هذين الطرفين.
ودعا رئيس الوزراء الصيني وين جيباو، امس، الى حل القضية النووية عن طريق اجراء المباحثات والحوار.
واعلن الناطق باسم المجلس الاعلى للامن القومي حسين انتظامي، «ان ايران ترى ان الخروج من الظروف الحالية يتمثل باسلوب المفاوضات القائمة على القوانين الدولية، وانها ترحب باي اقتراح بناء في هذا السياق».
واشار الى «الذرائع الاميركية حول النشاطات النووية الايرانية السلمية»، وقال «ان تصورات واشنطن الخاطئة في استخدام مجلس الامن كاداة للضغط على ايران يدل على خلق الذرائع من قبل الحكومة الاميركية في الملف النووي».
ووصف اتهامات الرئيس جورج بوش، القائمة على تدخل ايران في شؤون العراق، بانها «نوع من الفرار الى الامام، وهو نتيجة للتصرفات الاميركية في العراق، وتدخل المسؤولين الاميركيين من اجل اثارة الفرقة والتسلط على الشؤون العراقية والذي اسفر عن ردود افعال الراي العام في المنطقة».
وفي جاكرتا أعربت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، امس، عن ثقتها من ان مجلس الامن سيتفق على «رسالة قوية للغاية» يرسلها الى ايران.
وتوقعت رايس التي تقوم بزيارة لاندونيسيا، ان يتحقق توافق كبير في اراء المجتمع الدولي، رغم ان الصين وروسيا رفضتا حتى الان مسودة صاغتها بريطانيا وفرنسا لبيان يصدره مجلس الامن يدعو ايران الى تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم كما يدعوها الى الحصول على تقرير عن مدى التقدم الذي تحقق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال فترة قصيرة من الوقت.
وفي نيويورك، عقد سفراء الدول الـ 15 الاعضاء في مجلس الامن اجتماعا غير رسمي ليل امس، في مقر البعثة الفرنسية، اثر اجتماع للدول الخمس الاعضاء الدائمة العضوية في مجلس الامن (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) في مقر البعثة البريطانية.
وتحاول الدول الخمس التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، التوصل الى تفاهم حول نص سيكون اول ردة فعل من قبل مجلس الامن منذ احالة الملف النووي على مجلس الامن الاربعاء الماضي من قبل مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.