يدعيوت أحرونوت

سيفر بلوتسكر

لعملية الجيش الإسرائيلي في أريحا رسالة مع عنوان: لا تنقضوا الاتفاقات، لأنكم ستدفعون ثمناً باهظاً. والعنوان: المتطرفين في حماس.
فمن خلال اجتياح السجن واستخدام القوة العسكرية، وهي العملية التي تمت في وضح النهار وفي ضوء كشافات شبكات التلفاز، قالت حكومة إسرائيل بصراحة لقيادة حماس: لا تلعبوا معنا بالنار. لا تحلموا حتى بنقض اتفاقات كما أردتم نقضها فيما يتعلق بقتلة الوزير زئيفي. لأنه في اللحظة التي يصلنا فيها خبر النقض، سنكون عندكم في البيت لنسبق المرض بالعلاج. سنكون مع القوة العسكرية ومع المعلومات الاستخبارية، لأننا الآن مجنونون باحترام الاتفاقات، وبشكل خاص مجنونون على حماس. من هذه الزاوية، ثمة لعملية أريحا مغزى سياسي واسع أيضاً. فهي أوضحت أن العالم سيقف الى جانب إسرائيل أو على الأقل لن يعيق عملها عندما تستعمل قوتها العسكرية للرد على نقض الاتفاقات.
كثيرون (ليس كلهم) في قيادة حماس يتطلعون الى التخلص من الالتزامات التي أخذتها السلطة الفلسطينية نحو إسرائيل على عاتقها. لقد رأوا ذلك منذ البداية خيانة للإسلام وللفلسطينيين وللعرب ولحق العودة. الآن جاءت العملية في أريحا لتضعهم أمام خيار غير لطيف: إذا ما تخلّت حكومة حماس في المستقبل عن الالتزامات التي أخذتها على عاتقها حكومة فتح فإنها لن تستطيع الحكم. فالدبابات التي اقتحمت أريحا تستطيع التوجه الى رام الله أيضاً ومنع إدارة شؤون الدولة الفلسطينية.
لذلك، العملية في سجن أريحا ستعزز الجهات المعتدلة في حماس وفي السلطة الفلسطينية وتُضعف المتطرفين. ولذلك فإنها ستعزز أبو مازن أيضاً. لأنه ما الذي سيقوله أبو مازن لحماس؟أنظروا أيها الأصدقاء، سيقول لهم، ما الذي حصلتم عليه بحديثكم عن إطلاق قتلة الوزير زئيفي؟ حصلتم على إذلال قوات الأمن الفلسطينية، وأحرزتم نصراً عسكرياً وإعلامياً إسرائيلياً، وأظهرتم كل نقاط ضعفنا. آه، وقد نسيت تقريباً ـ سيقول أبو مازن لحماس ـ أين كنتم عندما قصف اليهود أريحا؟
في عملية الجيش الإسرائيلي في أريحا برهن أولمرت على قدراته الإدارية. لقد حل أزمة مركبة ومعقدة. مكّن الجيش الإسرائيلي من استعمال تكتيك الضغط حتى النهاية؛ ومن أجل ذلك ثمة حاجة الى أعصاب قوية. كانت هناك أمور كثيرة يمكن أن تتشوش لكنها لم تتشوش. لقد تورط رؤساء حكومات في إسرائيل وغرقوا في الوحل في عمليات عسكرية أقل تعقيداً بكثير.
ما يزال سكان إسرائيل يعيشون حتى اليوم ذكريات سنوات الانتفاضة، عندما طغت موجة الإرهاب رداً على كل عملية إسرائيلية. لكن منذ ذلك الحين تغير الواقع. القدرات التنفيذية للمنظمات الإرهابية محدودة؛ إنها قادرة على تجنيد انتحاريين قليلين فقط. لم يعد يقف من ورائهم شعب مستعد للتضحية كما في السابق. التقارير في وسائل الإعلام الدولي عن العملية نفسها كانت منضبطة ومتزنة. ردود فعل الحكومات الغربية كانت متفهمة بل متعاطفة. وماذا عن الحكومات العربية؟ هربت من الميدان كالعادة. فهي لن تمنح حماس أي غطاء. هذه الرسالة أيضاً ستُستوعب في غزة وفي رام الله.
إن الذين من سجن أريحا وأيديهم مرفوعة ربما كانوا قد أشاروا من خلال خضوعهم للجيش الإسرائيلي الى بدء نهاية حكومة حماس قبل قيامها.