لوموند-15-2-2006

إن اختطاف المغتربين الأجانب في الأراضي الفلسطينية منذ الغارة الإسرائيلية على سجن أريحا للقبض على المعتقلين يجب أن يدان بكل صرامة , مثله مثل الهجوم على القنصلية البريطانية في غزّة , هذه الأفعال غير مقبولة وفي منتهى الغباء. فليس بتهديد أعضاء المنظمات الإنسانية أو الصحفيين الذين جاؤوا لينقلوا واقع وقسوة الحياة في غزّة يمكن أن يجد الحق الفلسطيني صدى في العالم. والحقيقة إن فقرة أريحا هذه توضح تماماً العزل المطلق الممارس على المعسكر الفلسطيني.

لقد وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك , وقبل أسبوعين من الانتخابات , وجد أنه من المنطقي توجيه ضربة عسكرية لا يخفى على أحد هدفها وتقديم هذه البشاعة بأسلوب أنيق. ولكن هذا النصر الإسرائيلي يطرح عدّة تساؤلات. وأولها الإحراج الموجّه إلى الفلسطينيين , وبالذات إلى رئيس السلطة محمود عبّاس. إن إسرائيل بأسرها المعتقلين الموقوفين تحت سلطته تعبّر أكثر من أي وقت مضى عن استخفافها بهذا الشريك الذي لم يملّ من الحوار.

وبعد مضي أكثر من عام بقليل على انتخابه , يستطيع السيد عبّاس أن يقدم تقريراً عن علاقته بالحكومة الإسرائيلية : غزّة المختنقة أكثر من أي وقت مضى بفعل إسرائيل والضفّة, ومعاد احتلالها بالكامل, تبقى الساحة القريبة لجيش "الدفاع" الإسرائيلي . لاشيء يقنع منطق المفاوضات . على العكس هناك ما يبرر منطق حماس وعقيدتها باستخدام القوّة .

وما يزعج ويثير التردد هو الموافقة الفاترة على الغارة الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي _ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ما اعتقدناه منذ فوز حماس , في 25 كانون الثاني, أنه يجب تقوية موقف المعتدلين في انتظار التخلّص من الإسلاميين ... ها هم الآن المعتدلون مثار للسخرية ودون أن نسمع صوتاً واحداً معترضاً . كيف نطلب من الفلسطينيين القضاء على "جذور الإرهاب" ونقبل بنفس الوقت أن تتصرف إسرائيل كما يحلو لها في أراضيهم؟

إن ضربة أريحا تنذر بالقضاء المبدئي على سلطة فلسطينية مفلسة أصلاً , حرمتها إسرائيل من أموالها الخاصّة والتي تنفق على تشغيل المدارس والمستشفيات. ولا يجد الأمريكان والأوروبيين ما يقولونه في ذلك سوى قطع المساعدات بحجة حماس, والتي هي في الواقع القوة الوحيدة للاستقرار في الأراضي الفلسطينية. إنهم يخاطرون بهدم ما بنوه خلال عشر سنوات وما كلّف غالياً, ويخاطرون بإضافة أزمة على الأزمة, وتغذية الكره للغرب الذي لايتطلب أكثر مما يحصل.