حوار أجرته منى نعيم
لوموند- 20-3-2006
عمان مبعوث خاص

ما هو الغرض من زيارتكم لفرنسة؟

تبادل وجهات النظر مع المسؤولين الفرنسيين حول المسائل السياسية المحليّة _ العراق, اتفاقية السلام, الوضع القائم بين لبنان وسوريا- والمسائل الاقتصادية _ تعتبرالشركات الفرنسية من أهم المستثمرين في الأردن. وأريد أيضاً أن أبحث معهم إلى أي مدى يمكن أن تكون " رسالة عمان" ذات فائدة في بلادهم ( وهي وثيقة تدعو إلى الاعتدال الديني نُشرت في اختتام اجتماع لأعلى القيادات الدينية المسلمة ومن كل الجنسيات المجتمعة , نهاية 2004, في العاصمة الأردنية ).

إن فرنسة تتصرف بطريقة متطورة تجاه الجالية الإسلامية عنها في بقية الدول الأوروبية . ولكن المدارس المختلفة للتشريعات الإسلامية التي تبادلت التفاهم عبر "رسالة عمان" , يمكنها المشاركة ربّما في تقوية الصلات بين الجاليات الإسلامية الأوروبية وحكوماتها.

فمن وجهة نظر الإسلام , يجب على الفرد المسلم أن يدين بالولاء للدولة الغير إسلامية التي تكفل له المساواة في الحقوق , الأمان والحماية. بحيث يمكن أن تكون مسلماً صادقاً وتفخر بنفس الوقت بجنسيتك الفرنسية .

ما مدى تأثّر الأردن بالأزمات المحليّة : العراق, فلسطين, إيران, سوريا_لبنان ؟

لقد استطاعت الأردن أن تتفادى العاصفة أكثر من غيرها , ولكن الحقيقة أن الأوضاع يمكن أن تتدهور وعندها لن يكون أحد بمنأى عن الخطر. من ناحية فلسطين , أنا قلق أنه إذا لم تقم دولة مستقرّة تماماً خلال سنتين من الآن , فلن يكون أمامنا شيء لنتفاوض عليه . لن يكون باستطاعة أحد التكهّن بالظروف وانعكاسها على المنطقة وخصوصاً على الأردن .

وأضيف أن المجتمع الفلسطيني متداخل مع المجتمع الإسرائيلي من جهة, ومع المجتمع الأردني من جهة أخرى , لدرجة أن الحل بين الدولتين يفرض نفسه ( على عكس ما تدعو إسرائيل إليه أي " الخيار الأردني "). يخطئ الإسرائيليون كثيراً إذا ظنّوا أنّهم يغسلون أيديهم من المشكلة الفلسطينية ويصدّرونها إلى الأردن.

هل تعتبر "حماس" تنظيماً إرهابياً ؟

كلنا ننتظر لنرى هل تتخلّى حماس عن سلاحها للتحول كليّة إلى العمل اسياسي . ولكننا في نفس الوقت ننتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة. سوف نتفاءل عندما نرى حماس قد اندرجت في اللعبة السياسية والحكومة الاسرائيلية المشكّلة كانت راغبة في السلام.

في الشرق الأدنى , هناك منطقة رمادية نتصارع فيها حول الفرق بين المقاومة (للاحتلال) وبين العمل الإرهابي. أنا شخصياً , أعتبر أن كل هجوم يطال الأبرياء والمدنيين هو عمل إرهابي.

هل يعتبر الاتّفاق بين الولايات المتّحدة وإيران بخصوص العراق أسلوباً للاعتراف بمصالح إيرانية في هذا البلد؟ وهل هذا يؤكد , ما صرّحتٌ به من تخوّفك من تشكيل " هلال شيعيّ" يمتدّ من إيران إلى لبنان ؟

عندما تكلّمت من سنتين عن "الهلال الشيعي" كنت أعبّر عن خوفي من رؤية اللعبة السياسية , بغطاء ديني , تتحوّل إلى حرب بين السنّة و الشيعة , وهذا ما نرى بوادره اليوم في العراق . إن الخطر الكموني في قيام حرب دينية موجود . وهذا سيكون مأساوياً للجميع . أدعو لله وأتمنّى أن يسمح الحوار المعلن بين الولايات المتّحدة وإيران عن طريق السفير في العراق , زلماي خليلزاد , وتحت غطاء دولي , من تصحيح الخلافات بالطرق الديبلوماسيّة. إن المنطقة لاتحتمل مواجهات عسكرية إضافية. وتأثير إيران على جزء من المجتمع العراقي , وعلاقاتها القويّة مع سورية وحماس, وصلتها الوثقى مع حزب الله اللبناني , وواقع أنّها تتحكّم بورقة النفط وأخيراً المسألة النووية يجعلها في قلب " الاهتمام" .

هل الحرب هي الوسيلة الوحيدة للصراع ضد الإرهاب؟

إن هجمات 11 أيلول 2001 دفعت المجتمع الدولي وخدمة المعلومات للعمل جنباً إلى جنب , لتبادل المعلومات . وكان للأردن في هذا المجال تعاوناً ممتازاً مع فرنسة . إن الحرب ضد التطرّف , والعقاب , هو الاستراتيجية قصيرة الأمد . على المدى البعيد يجب التركيز على التربية , وفيما يخصّ الشرق الأدنى , على معالجة المشاكل المستفحلة مثل الفقر والبطالة , في منطقة حيث تعداد الشباب تحت 18 سنة بين 50% و60% .

إن الهمّ الأول للشباب ليس فلسطين ولا العراق , بل هو الوظيفة , الأمان والحياة الكريمة . وإذا لم نتعاطى بحزم مع هذه الأمور , سوف ندفع الثمن غالياً .

حوار أجرته منى نعيم