إيريك ليسير (لوموند -21/3/2006)

نشرت صحيفة تايم , يوم الاثنين 20 أيار, تحقيقاً مطوّلاً حول موت 15 مدنياً, منهم سبع نساء وثلاثة أطفال , في ظروف مريبة , في 19 تشرين الثاني 2005, قريباً من قرية الحديثة , على بعد 250 كيلومتراً شمال غرب بغداد . في هذا اليوم تعرّضت وحدة بحرية , الكومبانية كيلو من الفوج الثالث من الفرقة الأولى , تعرّضت إلى هجوم في الصباح الباكر بقنبلة مصنّعة يدوياً مخبّأة على طرف الطريق في مدخل الحديثة , على شاطئ الفرات.

وقد أعلن رسمياً , بتاريخ 20 تشرين الثاني , أن الانفجار أسفر عن موت الكابورال ميجيل تيررازاس , 20 عاماً, البحار الذي كان يقود السفينة المصابة, وقتل 15 مدنياً عراقياً و جرح جنديين آخرين . وأمام الاعتراضات المحليّة التي قادها خصوصاً المختار, الذي توجّه على رأس مجموعة من الأهالي إلى القاعدة العسكرية في الرمادي , قدّم الجيش الأمريكي في كانون الثاني تفسيراً آخر .

بعد الانفجار , تعرّض البحارة إلى نيران أسلحة أوتوماتيكية فاضطروا إلى مداهمة بعض المنازل لاتّقاء الهجوم , حيث صادروا بندقيتين من طراز AK-47 كلاشينكوف. وحيث قتلوا المهاجمين وبعض المدنيين . وهكذا صرف الجيش الأمريكي للناجين 2500 دولار تعوضاً عن كل ضحيّة وبعض المئات من الدولارات عن كل جريح .

ولكن يبدو أن التحقيق الذي نشرته التايم نقلاً عن شهادة طفلة عمرها 9 سنوات , إيمان وليد , يعرض لسيناريو آخر مختلف تماماً . إنّه الثأر الأعمى للوحدة التي , بعد مقتل أحد أفرادها , اقتحمت المنازل العراقية لقتل ساكنيها أيا كانوا.

وحسب أقوال إيمان وليد , التي جرحت رجلها في الحادث , فقد توجّه البحّارة أولاً إلى منزلها , وهو الأقرب إلى مكان الانفجار , وقد تحطّمت كل نوافذه . تحكي إيمان أن العسكريين الأمريكيين قتلوا كل عائلتها , ولم يستثنوا سواها وأخيها ذي ال8 أعوام والذي جرح في كتفه . كان الجميع عزّلاً وكان أبوها يصلّي في غرفته . وحسب مصادر مقرّبة من تحقيق أولي أمريكي أجري في شهر شباط , فإن الجنود قتلوا في هذا المنزل سبع أشخاص , مدّعين أنّهم سمعوا صوت دكّ بندقية AK-47 . وكذلك اعترفوا بقتل رجل كان يحاول الهروب من المسكن مع امرأة ووليدها .

ثم هاجم البحارة منزلاً آخر بالقنابل اليدوية , قاتلين ثماني أشخاص , ربّ العائلة وزوجته وأخته وثلاثة أطفال , أحدهم عمره عامان , وذلك حسب مقال التايم . وعندما سُئل العسكريون خلال التحقيق , الذي أغلق في شهر شباط , أجابوا أن المدنيين كانوا "خسائر جانبية" للمعركة مؤكدين أنهم كانوا هدفاً لإطلاق نيران آتية من هذه الجهة .

" أربعة أخوة عزّل"

وأكّد ابن صاحب منزل ثالث , أن إخوته الأربعة قد قتلوا بدم بارد , وهم عزّل من السلاح , وقد نجى بنفسه لأنّه هرب عندما سمع إطلاق النار . أما البحّارة فقد قالوا أنّهم وجدوا مجموعة من 12 امرأة وطفل وأربعة رجال ملتجئين في إحدى الغرف . فقتلوا اثنين منهم لأن أحدهم كان يحمل AK-47 والآخر كان شكله مهدّداً , دون أن يشرحوا كيف قتل الاثنان الباقيان .

وأخيراً قتل أربعة رجال آخرين في موقع قريب , ليصبح عدد الضحايا المدنيين القتلى 23 . من هذا المجموع يعتبر الجيش الأمريكي أن القتلى ال15 العراقيين الذين وجدوا في المنزلين الأولين هم فقط الغير مقاتلين .

لقد سجلّت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان شريطاً مصوراً غداة الحادث . وفيما عدا الدماء على الجدران وقمصان النوم الملطخّة للضحايا , لا يوجد أثراً لطلقات الرصاص خارج المنازل . وهذا "يثير الشكوك" حسب راي التايم حول حقيقة تبادل إطلاق النار بين البحّارة والمقاتلين . وتضيف المجلّة أنه لايوجد" دليل قاطع على أن البحارة قتلوا أبرياء بمحض إرادتهم".
في يوم الجمعة , 17 آذار, وبعد الاطلاّع على المقال , أعلن القائد الأمريكي في العراق أنه فتح تحقيقاً رسمياً ولكنه جنائي هذه المرّة , في مجزرة الحديثة .