نضال الخضري

للابتسام فقط أحاول التذكير بنون النسوة، فهذا الحرف حسب بعض المنظرين يفيد (الحفر)، والأمثلة الكثيرة مثل: نكش، نبش، نكح ... لكن المضحك أنه يأتي مع "جمع النساء"، ومع اختصار كل الأنوثة بتشبيه حسي ... ولا حاجة للتوسل لدى فقهاء اللغة للبحث في قاموس الأحرف، لأن ما يستحقه الإناث خارج إطار المجازي لن يكون أكثر من "النون"، لأنهم الشيء الذي ينتظر الفعل الإنساني، من نبش ونكاح وزرع!!!

وأنا بالفعل احتاج لهذا الفعل، كي استيقظ ... وأريد شكل الفعل الذي يُخلق خارج مجال الملموس، كي أشهد الولادة للوجه المحرر من تاريخ اللغة والمزروع في صورة الأبدي ... فأنا أعشق هذا الفعل مهما كان مصدره لأنني أحلم من جديد بالأزمنة التي أرى نفسي من خلالها واقفة، فلا تصبح الأنثى إلا ميزة، ولا تغدو الرجولة إلا قيمة مضافة على الحياة التي نمر بها.

لكن نون النسوة مثل تاء التأنيث تأتي ساكنة بطبعها وليس بالحركة على أخرها ... ساكنة بفعل الخيال المريض، فهناك واقع حسي يعيد رسميّ كل لحظة في إطار الافتراضي أو المرسوم من زمن الخليفة المعتصم، وربما من عصر عنترة بن شداد. فهذه النون هي مجال الصراع على السبايا أو العارفون بامر الكيد الذي يميز رجال القبائل وليس لقاء الإناث.

إنني هنا أقف بين التاء والنون ... وأبحث في فلسفة النهضة عن الصورة التي رسمت جان دارك، فتحررت الإناث من صورة السحرة ... ولا أملك أمثلة عربية لأنني مكتوبة في الأزمنة الحديثة ولا أتذكر أي صورة من قحط الصحراء سوى الرغبات الدفينة للهروب من عصر السبايا.

وإذا كان للغة أسرارها فإن لي أسراري في التحايل على اللغة ... على الزمن الأصفر وثورة الرمل ...
ولي أسراري في البحث عن القوة التي تكتبني رغم التاء والنون ... وغصبا عن الصور النمطية لإناث هم مواد "قابلة للانكسار" ... فأنا ضد الكسر ...