لا يزال موضوع تشكيل الائتلاف الحكومي يستأثر باهتمام المعلقين الاسرائيليين، وتصدرت انباء الاستشارات التي يجريها حزبا "العمل" و"كاديما" الصفحات الاولى في الجرائد. فتحدثت عن قرب توصل الطرفين الى اتفاق على توزيع الحقائب. ويبقى الموضوع الاساسي: كيف ستتعامل الحكومة الاسرائيلية الجديدة مع حكومة "حماس"؟ وعن هذا الموضوع كتب عكيفا ألدار في صحيفة "هآرتس" مقالا ننقل بعض ما جاء فيه: "من قال ان الانتخابات للكنيست السابعة عشرة كانت استفتاء على موضوع تقسيم ارض اسرائيل؟ قد يعتقد سكان المريخ ان اسرائيل تحل الحكومة وتعلن يوم عطلة وتدفع بالناس الى صناديق الاقتراع من اجل حسم مسائل مثل رفع الحد الادنى للاجور وزيادة المخصصات للمسنين فحسب.

عندما دعا ديفيد اولمرت في خطابه بعد الفوز في الانتخابات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى طاولة المفاوضات كان التعامل مع دعوته على انها مجرد كلام. وعندما اقترح "ابو مازن" فتح قناة سرية وتوقع امكان التوصل الى تسوية خلال سنة لم يهتم احد بما قاله. اما قول رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية ان منظمة التحرير لا تزال المسؤولة عن العملية السياسية فغرق في بحر الكلام على توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة.

تدل الاحاديث مع زعماء "كاديما" انه ما دام الامر منوطا بهم فلا مجال لان يشعر هنية بالقلق. فاسرائيل لن تخلع قفازاتها وخطة اولمرت للانكفاء تماما مثل خطة الفصل لارييل شارون ترمي الى دفن الاتفاقات النهائية التي تشبه اتفاق جنيف، وليس دفعها قدما الى الامام. يتوجه "كاديما" نحو التوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة على حدود اسرائيل، وبالنسبة الى هذا الحزب تشكل المفاوضات مع الفلسطينيين مصدر ازعاج ينبغي ازالته عن الطريق. لقد سبق لحاييم رامون ان قطع الطريق على اي محاولة للبدء بالمفاوضات لان الفلسطينيين لم يتنازلوا ابدا عن حق العودة.

وفي الواقع يعرف رامون وشركاؤه الجدد ان المفاوضات تكشفهم امام المطالب الشرعية الواضحة للجانب الفلسطيني، مثل الحصول على تعويض مقنع في مقابل ضم كتل المستوطنات وتقسيم عادل لمدينة القدس. وحتى جامعة الدول العربية وقفت من جديد الى جانب القرار الذي اتخذ قبل اربع سنوات والذي صادر قرار العودة الى فلسطين من اللاجئين واعطى اسرائيل الكلمة الاخيرة.

من المحتمل ان يكون انتصار "حماس" قد اغلق الباب امام رؤية السلام وحقق التوقعات القائلة أن أبو مازن ليس شريكا في الاتفاق الدائم. ولكن على الأحزاب الواقعة الى يسار "كاديما" ان تمتنع عن المشاركة في حكومات تؤمن بعدم وجود شريك. وعلى الحكومة الجديدة التي ستتشكل ان تبذل قصارى جهدها من اجل معاودة التحاور مع الفلسطينيين. وينبغي على عمير بيرتس ويوسي بيلين ان يشددا في مفاوضاتهما الائتلافية على المطالبة بتشكيل ائتلاف من اجل المفاوضات. من دون سلام ولا مال من اجل رفع الحد الادنى للاجور ولا من اجل مخصصات المسنين".