محمــــــد ح. الحــــــاج

تساءل أكرم شهيب ، وهو العضو في " الحزب التقدمي الاشتراكي " عن مغزى استمرار المجلس الأعلى السوري - اللبناني ..! وما معنى استمرار السيد نصري خوري على رأس هذه المؤسسة ، ولماذا يستمر بالتحدث باسمها ....؟

الكل يدرك وعلى أرض الواقع، وبالوقائع أن المجلس الأعلى السوري – اللبناني كان فاعلاً في كل الشئون التي تدخل في صلب مصالح البلدين، وقد شكل على الدوام محور الحركة على طريق تكامل المصالح وهو الذي كان ينسق بين مختلف الوزارات والإدارات خدمة لهذه القضايا ، وغني عن القول أن هذا العمل – مجرد حصوله – هو الطريق الصحيح لبلورة مصالح مشتركة ، وتكامل هذه المصالح ، على أنها كانت تصب بشكل أوسع في خدمة مصالح التجار والمزارعين، والصناعيين اللبنانيين بشكل عام ، وأن العمل السياسي بشكله المعروف لم يكن هو الأبرز ، وهكذا فإن اختلاف المواقف السياسية ما كان له أن يؤثر على باقي المصالح ، وذلك تأسيساً على ما يدعيه كل الأطراف المناوئة حاليا لسياسة الشام ، وهم الذين يدعون الحرص على مصالح لبنان – أي مصالح عامة الشعب – وخاصة الطبقات التي يمكن أن تتضرر، والتي تضررت مصالحها فعليا بنتيجة الممارسات الخاطئة لهذه الفئة ، بدءا من فقدان اليد العاملة ، أو إغلاق بعض الأبواب بوجه المنتج اللبناني الزراعي أو الصناعي، والمتابع لجهود السيد نصري خوري يدرك أن هذه الجهود انصبت بمجملها للحفاظ على المكاسب التي تحققت على الجانبين بعيداً عن زجها في معمعة السياسة ، ويمكن الخلاص إلى القول بأن الكثير مما تحقق استمر التعامل فيه على المستوى الزراعي والصناعي وأيضاً في توفير الطاقة وغيرها وبجهوده الشخصية، وما له من علاقات وتقدير.
لم ير السيد شهيب في عمل السيد الخوري أكثر من دعوة وزير الخارجية للقاء نظيره، والمعتقد أن هذا ما أثار حفيظته ، الفريق اللبناني الذي ينتمي إليه السيد شهيب يريد قطيعة كاملة ، ولو أنه يدعي المطالبة بعلاقات جيدة، أو متميزة ...

ولم يتساءل قبلاً عندما كان السيد الخوري يدعو إلى لقاء بين وزراء الري، أو النفط والكهرباء، أو الزراعة، أو الصناعة لدراسة مشاكل تتعلق باختصاص هؤلاء السادة والعمل على حلها والوصول إلى نتائج تحقق مصالح من يعنيهم الأمر على الجانبين من أصحاب المصالح، على مستوى الشام لم ننظر بعدم رضا إلى منافسة منتجات زراعية أو صناعية لبنانية لمثيلتها السورية ، لأننا نؤمن بالتكامل، ونؤمن بأن التنافس في المجال الواحد يدفع إلى تحسين السلعة وضمان مصلحة المستهلك، كما لم ننظر إلى أن استجرار الطاقة من قبل اللبنانيين، وقوداً أو كهرباء ، سيؤثر على المستهلك في الشام، كما في كل المجالات الأخرى، كنا نؤمن بأن هذا هو الطريق الصحيح لوحدة المصالح، في الآمال، في الثقافة، في كل شئون الحياة الواحدة للعائلة الواحدة، وكان كل اللبنانيين، وبالأخص منهم اليوم حملة لواء العداء للشام، هم مع هذا التوجه، هو الطريق الأمثل والأكثر رقياً لتحقيق الوحدة الإرادية وليس القسرية، هذه الوحدة التي لا يقف في وجهها إلا الغرب الذي فرضها انطلاقا من مصالحه ، والحرس الذين أقامهم عليها، وبرغم إدراك الجميع لتناقض التوجه الغربي في تحقيق الوحدة بين المتناقضات على جانبه، وتكريس الانفصال والقطيعة بين أبناء العائلة الواحدة في مشرقنا ، فإن هناك من لا يزال يؤمن بضرورة الحفاظ على ما هو فيه ، ونقرأ في استنكار السيد شهيب وتساؤله حرصه على تحقيق ما لم يقله وهو فرض القطيعة والعودة بالعلاقة إلى نقطة الصفر ... البداية ، وربما يرغب في أن يكون رئيساً للمجلس الأعلى " الانعزالي – الصهيوني " باعتباره الأقدر على التنسيق بين الجهات التي هدف لإقامتها اتفاق السابع عشر من أيار ، فأسقطته القوى الوطنية التي كان يدعي (تمثيلاً) رئيسه جن بلاط بأنه منها وضمنها .

تساؤل شهيب ليس بالبراءة التي يظنها البعض، وأنه مجرد سؤال عن مؤسسة توقفت عن العمل ، هي بالواقع لم تتوقف، ولم يصدر أي قرار بإلغاء هذه المؤسسة الهامة للطرف اللبناني أكثر من أهميتها للطرف الشامي ، ولأن عملها الأساسي يقوم على التنسيق بين مختلف القطاعات، وخاصة الخدمية منها، فهي جديرة بالاستمرار، وأثبت السيد الخوري أنه الأكثر جدارة والأكثر حرصاً، لأنه يعمل من منطلق الإيمان بما يعمل له ، وليس من منطلق المصالح الآنية – الشخصانية ، وإذا كنت أتصدى لإجابة السيد شهيب، فلأنني لم أسمع جواباً من طرف آخر على تساؤله، ربما ، وهو الأصح لأنهم لم يجدوا أهمية لمثل هذا التساؤل الذي لا ضرورة للرد عليه إلا بالوقائع ومن الواقع .

كفى شعبنا تمثيلاً ، وكفاه ما سمعه من تناقضات صارخة بين القول والفعل، كلنا يدرك أن هذا من مفاعيل ما يسمونه في السوق : .. الأخضر ،... ملعون هذا الأخضر ، ما ترك عميلاً إلا وصبغه كما الحرباء ... ملعون هذا الدولار ... الأخضر فهو المطمح، وهو بيت القصيد .