كورين ليسين لوموند- 1/4/2006

يشهد الديموقراطيون اليوم موقفاً يسعدهم كثيراً : إنه انقسام الحزب الجمهوري حول مواضيع تتراوح بين الهجرة وتخفيض الضرائب. والمعركة الأكثر حميمية , ولكنها الأشرس , هي التي تحتدم حول موضوع العراق... وهذه المعركة مكانها في قلب الدائرة الأولى , دائرة المحافظين الجدد , المجموعة الصغيرة للمفكرين الذين حضّروا لاحتلال العراق " في الفترة التي كان فيها جورج بوش ما يزال حاكماً مبتدئاً في تكساس" , وذلك كما يقول بات بوشامان , عضو مدرسة " المحافظين القدامى ", التي تدعو إلى العزلة الوطنية والتي يحكم عليهاالمحافظون الجدد بالبدائية والمعزولة.

يشرح بول بيرمان , في النيويورك تايمز, وهو أحد وجوه اليسار الجديد :" إن الجو اليوم في مرحلة ( التفريغ) . في هذه الأيام إذا كنت تدّعي أنّك مفكّر ما , ولم تكن تخليت بعد عن أعزّ أصدقائك , أو أنهم لم يعلقوك بعد على أحد مصابيح الأزّقة , فيبدو أنك لاتتحلّى بأخلاق العصر . " حتّى اليوم كانت الطلقات توجّه إلى صدر الرئيس بوش والثنائي رامسفيلد- تشيني , سكرتير الدفاع ونائب الرئيس , الذين اتّهموا بأنهم لم يهيّؤوا الوسائل لتطبيق الديموقراطية التي كانت أولويات الديبلوماسية كما يراها المحافظون الجدد . ولكن مع ظهور كتاب فرانسيس فوكوياما , ( أمريكا على مفترق الطريق ) , صار المحافظين الجدد تحت مرمى النيران الصديقة .

إن صاحب نظرية " نهاية التاريخ" ينكر اليوم رفقاء الطريق القدامى . يكتب قائلاً :" لقد توصلت إلى نتيجة أن المحافظة الجديدة في صيغتها السياسية وفي فكرها الأساسي , قد تحولت إلى شيء لا يمكنني احتماله ". وفي ملحقها الأدبي في 26 آذار اختارت النيويورك تايمز عنواناً ساخراً :" انتهى المحافظون الجدد " (Neo no more ).

لقد كان فرانسيس فوكوياما أحد الركائز التاريخية للحركة . كان أحد الموقعين الثمانية عشر لرسالة 26 كانون الثاني التي تناشد الرئيس كلينتون جعل قلب نظام صدّام حسين " هدف الديبلوماسية الأمريكية " . وكان واحداً من 41 شخصية طلبت من الرئيس بوش أن ينتقل إلى مرحلة التنفيذ , " حتّى ولو لم يكن هناك دليل علاقة مباشر بين صدّام حسين وهجمات 11 أيلول" . واليوم يقول أنه يتحفّظ على الحرب منذ أن قدّم دراسته عن الإرهاب للبنتاغون , في خريف 2002 .

الصحوة الجديدة
إن الأجواء هي أجواء إعادة حسابات . في كتابه , يصف فوكوياما كيف أنه تعرّض لنوع من الصحو المفاجئ عندما سمع صديقه المعلّق شارل كروثامر يمتدح " النجاح الفعلي بدون تحفظّ " للجهود الأمريكية في العراق , أمام المستمعين المتحمسين للمعهد التجاري الأمريكي . وينفي هذا الأخير ورود مثل هذه العبارة في محاضرته , وذلك بعد أن جرح من إظهاره بمظهر المتعصّب , وسخر بقوله :" وهكذا تحوّل فوكوياما إلى أشهر محافظ جديد سابق في العالم . فبعد أن بدأ الرأي العام يصبح ضد الحرب , يعلن فوكوياما بكل شجاعة أنه هو أيضاً ضدها. إن له كامل الحق في تغيير رأيه . ولكنه لا يملك الحق بتغيير ما قلته" .

يعلن فوكوياما اليوم أنه محبط . لقد صوّت لصالح جون كيري عام 2004 , ولكنه يقول أنه " مرتاح نوعاً ما لنجاح بوش , لأن عليه الآن حل المشكلة التي خلقها " .

في كتابه يعود إلى رؤية كلينتونية بكليتها , ويسميها " الولسونية الواقعية " . وحسب ما يقول فيجب أن تختار الولايات المتحدة الآن :" يمكننا أن نستمر بسياسة بوش , والانسحاب نحو واقعية بطريقة كسينجر أو حتى نحو شكل جديد انعزالي , أو إعادة خلق سياسة مركزية تحتفظ بمثاليات المحافظين الجدد مع تزويجها بطرق أكثر واقعية من تغيير النظم بالقوة ".