السفير

كشفت صحيفة <جمهورييت> أمس، عن سعي الولايات المتحدة لإقامة ثلاث قواعد عسكرية كبيرة جديدة في تركيا، إضافة الى قاعدة <اينجيرليك> الحالية.
وكانت الصحيفة نفسها نشرت المعلومات الأولى عن هذا المسعى، في آذار الماضي، عندما ذكرت أن هيئة من تسعة مسؤولين أميركيين قاموا بعملية مسح لميناء الإسكندرون ولا سيما مدى عمق مياهه. وقد أكدت السلطات التركية حينها هذا الخبر من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
وأكدت الصحيفة ان الولايات المتحدة قدمت في منتصف العام الماضي، طلباً الى تركيا لإقامة ثلاث <منشآت> عسكرية في بحار تركيا الثلاثة: الأبيض المتوسط، إيجه، والبحر الأسود. لكن تركيا لم توافق على إقامة منشأة في البحر الأسود حتى لا تنتهك بذلك اتفاقية مونترو حول المضائق، في حين أجابت بأنها ستكون <مرنة> تجاه الطلبين الآخرين. أما المؤسسة العسكرية التركية، فقد رأت أن ذلك مرتبط بالحكومة وبالإرادة السياسية حيث القرار النهائي لها. وهنا قررت الحكومة التركية السماح للأميركيين بالقيام بأبحاثهم حول الأماكن المحتملة لهذه القواعد.
وبعد هذا الإذن، قام وفد من 10 الى 12 شخصا من الأميركيين، بمراسلة المسؤولين المحليين في المناطق الساحلية المزمعة دراستها، للمساعدة في عدم ظهور ردود فعل محلية ضد عمل الوفد. وقد امتد عمل الوفد في مسح الشواطئ وقياس أعماقها حوالى ثمانية أشهر.
واستقر رأي الهيئة الأميركية على أن ميناء الإسكندرون الحالي، نظرا لعمق مياهه وقربه من قاعدة اينجيرليك، هو مكان مناسب جدا لإحدى هذه القواعد. والمكان المناسب الآخر هو ميناء أورلا، وهو أيضا على البحر المتوسط. وقد بدأت الهيئة محاولات شراء الأراضي المحيطة بالميناء، مستفيدة من قانون حرية بيع الأراضي للأجانب. أما المكان الثالث المحتمل، فهو منطقة موردوغان القريبة من أزمير على بحر إيجه، حيث توجد شبه جزيرة قره بورون.
ويخطط الأميركيون لإقامة قواعد بحرية تستطيع استقبال السفن الضخمة، والسفن الحربية وحاملات الطائرات. وتلحظ عملية ما بعد اختيار الأماكن، حجم القواعد التي ستقام وهدفها وحجم التواجد البشري الأميركي فيها. وتقول الصحيفة إن ما يسري على قاعدة إينجيرليك، سيطبق على القواعد الجديدة، بحيث تكون تركيا على علم بأي أشغال ستقام وبوجود مسؤول تركي دائم فيها. كما ان أي عملية عسكرية أو غيرها ستنطلق من هذه القواعد، يجب أن تحصل على إذن مسبق من تركيا.
وتذكر الصحيفة، في العودة الى قضية القواعد في البحر الأسود، ان الولايات المتحدة كانت قد تقدمت بطلب لذلك قبل احتلال العراق، لكن تركيا رفضت حتى لا تثير عداوة روسيا، فضلاً عن أن اتفاقية مونترو تلحظ أن أي سفينة حربية غير عائدة لإحدى دول البحر الأسود، يجب أن تغادره خلال ثلاثة أسابيع بعد دخولها إليه. وقد طلبت واشنطن عدم تطبيق الاتفاقية عليها، لكن تركيا لم توافق. وهنا تخطط الولايات المتحدة لإنشاء قواعد في رومانيا وجورجيا، عند ساحل البحر الأسود، لعل ذلك يكون مقدمة لإقناع تركيا بإقامة قواعد لأميركا عند سواحلها على البحر الأسود.
وتلفت الصحيفة التركية الى أن الاتفاقيات السابقة، ومنها حول قاعدة إينجيرليك، تشير الى أن ما يقام ليس قاعدة بل <منشأة>، وهو ما يتطرق إليه دائما الأميركيون بالقول إنهم لا يريدون أبدا قواعد!
واللافت أكثر أن الاتفاقيات لتأسيس قواعدة جديدة، لن تكون جديدة، بل ستدخل في إطار الاتفاقيات السابقة بين تركيا وحلف شمال الأطلسي، ولا سيما بروتوكول لندن في 17 نيسان 1951 الذي انضمت تركيا بموجبه الى الحلف، كما بين تركيا والولايات المتحدة، ولا سيما <اتفاقية التعاون العسكري والاقتصادي> في 29 آذار العام .1980 وتتبع هذه الاتفاقية ثلاث اتفاقيات مكملة لها بمثابة ملاحق. وهي التي حددت الوضع القانوني لقاعدة إنجيرليك ووقع عليها السفير الأميركي حينها جيمس سباين، ووزير الخارجية التركية خير الدين أركمين، حيث لكل من إينجيرليك وسينوب وبيرينتشليك اتفاقية مكملة خاصة بها.
وفي الملاحق التطبيقية لهذه الاتفاقيات المكملة، لا يرد اسم إينجيرليك على أنها <قاعدة> بل <منشأة>. والولايات المتحدة الآن، تريد توقيع اتفاقيات تطبيقية مماثلة، بدلاً من اتفاقيات جديدة، تقع في سياق الاتفاقات المذكورة الموقعة العام .1980 وبهذه الطريقة، لن تحتاج القواعد الجديدة لآليات مرورها في البرلمان والحكومة، بل لقرار من رئيس الحكومة فقط.