خرج اهل الصحافة والفكر والفن من منتدى دبي هذا العام ومعهم جائزة اضافية. او بالاحرى خاصة. فقد انضم الى عالم النشر والتأليف والمذكرات، شاعر شعبي معروف باسم مستعار، وعسكري برتبة فريق، وحاكم برتبة حالم.

«رؤيتي» هو حكاية محمد بن راشد مع هذه المساحة الرملية التي صارت شيئا من عالم مصباح علاء الدين. وفي هذه المساحة الرملية بالامس، تختلط الحقيقة بالمتخيل. او العكس. فما ان تفترض شيئا حتى تراه. بما في ذلك ـ مثلا ـ اوبرا فيينا، او مركز للتزلج على الجليد، او ان يبلغ عدد سكان دبي خلال سنوات، عشرة ملايين انسان، بدل الخمسة آلاف الذين كانوا يصارعون الرطوبة والملح والقلة، في الخمسينات.

يجب الاعتراف بان محمد بن راشد بنى هذا المشروع الذي لا يزال بعيدا عن التصديق، في غفلة عن العالم والزمن ـ وهو لم يستورد الخبرات والعاملين فقط، بل أنشأ في رقعة صعبة من الارض، مصادر الدخل «الطبيعية»، حيث لا نفط كافيا ولا مياه ولا واحات ولا طاقات عاملة.

هناك اكثر من مثال في عالم التحدي والبلوغ. هناك لي كوان يو وتجربة سنغافورة المذهلة، وهناك تجربة مهاتير محمد في ماليزيا، وهناك تجربة رفيق الحريري المبتورة في لبنان. أي الا تكون السياسة لدى الحاكم سوى وسيلة من وسائل العمل وسبل الانتاج. وقد نجح كوان يو ومحمد بن راشد في ذلك نجاحا شبه كامل، فيما تقطعت تجربة مهاتير محمد، وأدت السياسة الى اغتيال رفيق الحريري، بحيث اصبحت المدينة التي عمرها فوق الانقاض، هي ضريحه ومثوى فحمه ورماده.

«رؤيتي» هي رؤية البدوي البسيط الذي احب ارضه. «لقد عشت» يقول محمد بن راشد «على اطراف الربع الخالي». وكان والده يرسله الى لندن ثم الى كلياتها العسكرية لكي يتعلم، لكنه اكتشف في نهاية الامر ان اهم معلميه كان «الشيخ راشد». هو الذي علمه التعامل مع الناس. وهو الذي علمه ان الحياة سباق لا ينتهي وهو الذي علمه حب الخيول والشعر المحكي البسيط.

في «رؤيتي» نرافق بدويا بسيطا يصحو الى الفلاح على نداء المؤذن، ويخرج الى العمل بأدوات العصر ورؤية المستقبل، واضعا أمامه شعارا بسيطا: من توقف تراجع!