السفير

تحفظت واشنطن، امس، على اقتراح تبحث الترويكا الاوروبية تقديمه الى طهران ويتمثل في بيعها مفاعلا نوويا مدنيا يعمل بالماء الخفيف شرط ان تتخلى عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وذلك في اطار رزمة الحوافز التي يعتزم الاوروبيون عرضها على الايرانيين الذين جددوا في المقابل التمسك بحقهم في التخصيب معتبرين ان لا حوافز افضل من تطبيق <معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية>.
من جهته، قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي <اليوم امبراطورية وسائل الاعلام العالمية ترى أن من الصواب القول إن إيران تسعى للحصول على السلاح النووي بينما يعلم مروّجو هذه المقولة انها اكذوبة> مضيفا ان <وسائل الاعلام، التي يهيمن عليها اصحاب المال والقوة، تصف اميركا بأنها رمز لحقوق الانسان والديموقراطية وتشبه في الوقت نفسه الاسلام بالارهاب>.
وقال دبلوماسي اوروبي <ان الترويكا الاوروبية و(المسؤول الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير) سولانا يخططان لعرض مفاعل اوروبي يعمل بالماء الخفيف على إيران في مقابل وقف برنامجها للتخصيب> مضيفا ان المدراء السياسيين في وزارة خارجية دول الترويكا بالاضافة الى مكتب سولانا سيناقشون خطة الحوافز المقترحة مع نظرائهم الاميركيين والروس والصينيين في لندن بعد غد الجمعة.
غير أن مسؤولاً أميركياً رجح أمس إرجاء اجتماع لندن. وقال <لن نجتمع إلا عندما نتأكد أننا مستعدون لهذا الاجتماع> مضيفا <قد يحصل ذلك الأسبوع المقبل>. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك <نحقق تقدما إلا أن برنامج نيكولاس بيرنز (مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية) يتغيّر دائماً>.
وقال دبلوماسي مقرب من <الوكالة الدولية للطاقة الذرية> ان
<العرض يفترض تخلي إيران عن التخصيب على المستوى الصناعي وموافقتها على ان تجري (هذه النشاطات) في روسيا> وإبرام البروتوكول الاضافي، مضيفا ان إيران ستحصل في المقابل على مكاسب تجارية منها الانضمام الى <منظمة التجارة العالمية>.
وقال مسؤول كبير ان هذا الاقتراح لا يزال قيد البحث بين الترويكا الاوروبية، وذلك كجزء من رزمة الحوافز التي يعتزم الاوروبيون تقديمها الى الايرانيين. وأوضح مسؤول اوروبي ان الفكرة لم تناقش بعد مع الاميركييين والروس والصينيين.
وقال مسؤول فرنسي <لن نعرض عليهم مفاعلا جاهزا> مضيفا <في الوقت الراهن، يمكن للمرء فقط ان يحدد فئات عامة واسعة (من التعاون) وفقط اذا قالوا (الايرانيون) انهم مهتمون... يمكننا ان نبدأ بمناقشة التفاصيل معهم>. وتابع <وإذا كان الامر بخلاف ذلك، نكون كمن يضع العربة قبل الحصان>.
وسبق ان رفضت طهران، في آب الماضي، عرضا أوروبيا مماثلا تضمّن تزويدها بمفاعل يعمل بالماء الخفيف. وشكا الايرانيون، آنذاك، من ان العرض الاوروبي مبهم اكثر من اللازم ولا يتضمن حوافز محددة. وقال دبلوماسيون من الاتحاد الاوروبي ان العرض سيكون اكثر تحديدا بدرجة كبيرة لأسباب منها انهم واثقون من موافقة واشنطن على عرض المفاعل، معتبرين ان الهدف هو ان يثبتوا للمتشككين مثل روسيا والصين ان الغرب لا يسعى لحرمان إيران من الطاقة النووية المدنية. وقال دبلوماسي اوروبي <وبرغم ذلك فلا أحد يعتقد ان هذا المفاعل سيبنى لأن إيران سترفض> مضيفا ان اي مفاعل اوروبي سيكون ثمنه اعلى كثيرا من المفاعل الذي تبنيه روسيا حاليا في إيران بتكلفة تبلغ مليار دولار.
واشنطن
من جهته، قال المندوب الاميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون انه لن يعلق على اقتراح المفاعل، لكنه شدد على ضرورة ان يشمل العرض الاوروبي حوافز وعقوبات، <أي ليس نصف رزمة>. أضاف <وعندما تكتمل الرزمة بنصفيها، أعتقد عندها فقط اننا سنكون مستعدين لإبداء رأي>.
غير ان مسؤولا أميركيا آخر قال ان اي عرض لتزويد الايرانيين بمفاعل يعمل بالماء الخفيف <سيواجه بإحساس حقيقي بالتشكيك> مضيفا انه حتى إذا تخلت طهران عن انشطتها في التخصيب، وهو امر مستبعد، فإن مفاعلا مماثلا قد يساعدها في حيازة تكنولوجيا تطوير برنامج نووي كامل مع احتمال استخدامه في تصنيع اسلحة نووية. وتابع <إذا كانت إيران مصممة على حيازة برنامج للتسلح النووي، يتعيّن علينا ألا نساعدها في إنجاز ذلك>.
طهران
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي <اذا كانت أوروبا تسعى الى حلول دبلوماسية وسلمية، يجب عليها ألا تتجاوز المعاهدات الدولية> مضيفا <لا حوافز افضل من تطبيق المعاهدة النووية وقوانين الوكالة الذرية من دون تمييز>. وتابع <لقد ابلغت إيران الاوروبيين في بداية المفاوضات ان الهدف هو إنتاج وقود لأغراض سلمية، وإيران لا تسعى الى اي شيء يتجاوز حقوقها ولن تقبل اي التزام يتجاوز حقوقها التي تنص عليها المعاهدة النووية>.
وكان سولانا قد قال، بعد اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل امس الاول، ان الاتحاد على استعداد لمساعدة إيران في حيازة <احدث التكنولوجيا> في مجال انتاج الطاقة النووية المدنية بالاضافة الى <عناصر اقتصادية وسياسية> لم يحددها، شرط ان توقف التخصيب.
وقال آصفي <بعد ثلاث سنوات من المفاوضات وموقف إيران الواضح... يبدو ان سولانا لا يزال يشكك في حقوق إيران. هذا امر مثير للدهشة حقا> داعيا إياه الى ان يتجنب الإدلاء بتعليقات <غير مسؤولة>. أضاف <ان قرار إيران الحصول على حقها حاسم ولا رجعة عنه>.
في كراكاس، قال المتحدث باسم السفارة الإيرانية في فنزويلا حجة الله سلطاني ان بلاده تعتبر أن الاقتراح الأوروبي ببيعها مفاعلا يعمل بالماء الخفيف مقبول إذا شمل <الاعتراف بحق الجمهورية الإسلامية في حيازة دورة التخصيب الكاملة الخاصة بها> مضيفا <قد يشكل ذلك خيارا، لكن فقط إذا اعترفوا بحقنا في (حيازة) التكنولوجيا النووية>.
مصر
في طوكيو، قال وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط بعد لقائه رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي ونظيره الياباني تارو اسو <نحن نعارض إدخال الأسلحة النووية إلى هذه المنطقة من العالم> مضيفا <إيران طرف موقع على المعاهدة النووية... حق كل دولة من الدول الأعضاء الموقعة على المعاهدة في استغلال والحق في الاستخدام السلمي هو حق تكفله معاهدة حظر الانتشار النووي>. وتابع <المهم هو أنه يجب ألا تدخل أي دولة برنامجا نوويا عسكريا سواء كانت اسرائيل أو إيران أو أي دولة أخرى>.