أحيانا أشعر بان الهرش الذهني المستمر عندي بين قراءة ‏وكتابة وتأمل لمايدور حولي يسبب لي نوعا مستعصيا من ‏التعاسة وأحس بأن الوقت الذي أنفقه في ذلك ربما ‏يذهب هدرا فالكلمة لم يعد لها سحرها وثأثيرها كما ‏كانت أيام زمان حيث كان بيت الشعر يهز قبيلة وربع خطبة ‏عصماء تؤذن بثورة أو حتى انقلاب..!!‏

الكتاب اليوم كالمطربين كثر..ونسخ مكررة والقراء قليل ‏‏..ومعظمهم في حالة قرف شديد و باتوا كسميعة ‏السيديهات الجديدة يفضلون الاطمئنان الى صور الفاتنات ‏الجميلات قبل الشروع في تصفح الاغنيات..أقصد ‏المقالات.‏

انني حقا أغبط حمار جارنا العتيد أبي يوسف الذي يعرف ‏جيدا عمله اليومي ويلتهم شعيره المفضل بتلذذ ومتعة ‏ولا يجهد نفسه بالتفكير مثلي في كيفية حل الالتباس ‏بين حماس وعباس ولايطحر من هم تأخر الراتب ومصاريف ‏الاولاد
ومع ذلك فأنا وهو وغيرنا عايشين..وراحلين..لا فرق..!!‏

المشكلة التي لا يستطيع أمثالي من الرومانسيين ‏العاطفيين المؤبدين في مضارب بني عرب وبني مسلم ‏هضمها.. ان ماحولنا يعج بالغرائب والمتناقضات ‏والمضحكات المبكيات فاما أن نتعامل معها على انها في ‏هذا الزمن من المسلمات أو نعتزل الحياة وكلا الامرين مر‏
ويحتاج الى بلادة مطلقة أو كورس ديكلوفين..!!‏

في هذا الزمن الفالت..وبعيدا عن التزويق والتنميق يحق ‏لنا أن نفخر بوجود سلطتين وأمنين ونوعين من القوة في ‏الشارع " قوة مساندة سوداء وأمن عام كاكي"ويحق لكل ‏مواطن أن يختار حسب ذوقه فالقوةالسوداء مثلا تناسب ‏البدلة السموكنج وقوة الكاكي تناسب الترنج الرياضي مع ‏توقع ان نولول في اية لحظة قادمة ونقد الثوب وأيدينا على ‏قلوبنا من فتنة مخجلة..!!‏
فالحال بيننا كما كيس البصل اينما تضع يدك تخرج رأسا ‏بينما حال زعمائنا كما يقول المثل الفلسطيني الشهير ‏‏"أنا كبير..وانت كبير ومين يرعى الحمير.."!!‏
وكلنا للاسف ننسى أحيانا أننا نبدو كما حفنة نمل تتصارع ‏في فنجان صغير تتخير من بيننا طائرة الاستطلاع من ‏تشاء وفي أي وقت..!! ‏

في هذا الزمن الكوبيا يستطيع أي جاهل ابن جاهل منتم ‏الى تنظيم أو جهاز ويحمل كلاشينكوفا بالصح أو بالغلط أن ‏يلعن سنسفيل أزعم دكتور في المستشفى أو في ‏الجامعة أو في وسط البلد ويمرمغ به الارض دون رقيب أو ‏حسيب.‏

ويستطيع أي ولي أمر متفرعن و متهور أن يعطي علقة ‏من قاع الدست لمعلم غلبان أمام تلاميذه وأخرتها ان ‏طارت بوسة لحية..!!‏

ويستطيع أي متنفذ فاقد الضمير أن ينهب ويسرق من ‏المال العام والخاص ويهرب الغنائم بشكل رسمي وآمن ‏الى الخارج رغم حديث النوايا الطيبة الذي يملأ الاذاعات ‏والصحف عن الردع والمحاسبة ولنر كم مختلس أو لص ‏من يوم ماعرفنا لجان التحقيق والتدقيق خضع للقانون ‏وحوكم..!!‏

ويستطيع أي سياسي لعين والدين وبياع كلام أن ينظر ‏علينا عبر الفضائيات واذاعات ال اف.ام ويعطينا درس في ‏الوطنية والاخلاق وهو لايعلم اننا نعلم عن كل فضائحه ‏ومصائبه..بدءا من السكر وحتى الكفر!!‏

ويستطيع أي رجل دين لادين له ان يستغل قوة تأثبر ‏المنبر على المصلين ويفرقع خطبة مسيسة مضللة ‏تشعل الفتنة بين ابناء الاسرة الواحدة والحارة الواحدة ‏والمدينة الواحدة..‏
‏ ويرسل الى الجنة من يشاء والى النار من يشاء وهو ‏يعلم انه بصكوك الغفران أو التكفير انما يغضب الله جل ‏وعلا..‏

ويستطيع أي فهلوي يحمل دبلوما متوسطا في النصب ‏ان يكسب في ظل نيسان من قوت الناس أضعاف أضعاف ‏مايكسب عامل شقيان طول نهاره في شمس تموز..!!‏

ويستطيع أي تاجر جشع ان يستغل حاجة الناس ويبيع ‏لهم بضاعة فاسدة بتاريخ مزيف بعد ارضاء المرتشين ‏طبعا..!!‏

وتستطيع أي راقصة تمتلك خلفية ثقافية غنية في ظل ‏مجتمع المبادىء والقيم أن تكسب في نصف ساعة ‏مايكسبة دكاترة جامعة القاهرة مجتمعين في شهر..!!‏

أرجوكم.. لا تتهمونني بشيء..فقط أكتب بصوت عال ما ‏أشعر به وليكن ما أكتب هذه المرة مجرد كوع في ‏الممنوع.فعندما تفلس مقاومتك تلقي بحذائك الذي ‏لايغني ولايسمن من جوع في وجه كآبتك.‏

لقد انتهى معظم مثقفينا العرب للاسف اما الى الزنازين أو ‏مستشفيات المجانين أو الترانسفير السريع الى الآخرة ‏في حادث عابر..!!‏
ولن أصدق وزارات الثقافة مجتمعة حتى لو حلفت على ‏شباك النبي ان الثقافة والمثقف في مضاربنا بخير..!1‏

في النهاية أعتقد أن ماذكرت على سبيل المثال لا الحصر ‏يكفي لكي يعذرني القارىء فيما أعاني الى درجة بت ‏أتمنى فيها أن أتوقف عن الهرش يوما واتفرغ لمداعبة ‏أطفالى وأحفادي والاستمتاع بأغاني الست أو حتى عبد ‏المطلب ولا بأس من سماع نهيق حمار جارنا بين الفينة ‏والاخرى فهو شار دماغه وأظن انه يغني ولايهمه ان ‏أعجب مواله أحدا أم لا.‏