هتسوفيه

موشيه إيشون

عاد رئيس الحكومة إيهود أولمرت، راضيا من "زيارة التعارف" مع الرئيس بوش في واشنطن. فهو حظي باستقبال رسمي ليس في البيت الأبيض فحسب، بل إنه استُقبل أيضا بحفاوة كبيرة جدا من قبل أعضاء مجلسي الكونغرس حيث عرض أمامهم سياسة دولة إسرائيل.
خلال أيام مكوثه الثلاثة في الولايات المتحدة، نجح أولمرت في كسب اهتمام أكبر القوى العظمى في العالم. وهو ساهم في تعزيز وترسيخ نسيج العلاقات بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة. ومع ذلك، اضطر رئيس الحكومة الى تغيير خطته الأصلية التي كانت مستندة الى "تسوية أحادية الجانب"، مع تجاهل أبو مازن، الذي بحسب كلامه، فقد تأثيره على السلطة الفلسطينية، وبالتالي قبل باقتراح الرئيس بوش بأنه يتعين على كل تسوية في المنطقة أن تكون ثنائية، وبموافقة الطرفين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
خلال محادثاته في واشنطن، تعلم أولمرت معرفة أن الرئيس بوش، لا ينظر بعين الرضا والاستحسان الى "خطة الانطواء". وبحسب رأيه لا تتضمن هذه الخطة حلا من شأنه أن يفضي الى تسوية بين إسرائيل وبين الفلسطينيين. والولايات المتحدة تتمسك بتسوية تُنجز بموافقة الطرفين على أساس "خارطة الطريق". والرئيس بوش لا يعترف بالقدس كاملة. ويمكن الافتراض أن هذا الموضوع أيضا جرى إيضاحه وتوضيحه إبان المحادثات التمهيدية بين الطاقم الإسرائيلي والطاقم الأميركي، قبيل زيارة أولمرت الى واشنطن.
في الإجمال، دارت المحادثات بين أولمرت وبوش في أجواء جيدة جدا، على أساس التفاهم وفي أجواء ودية، لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أنه في بعض المسائل لم يكن هناك دائما اتفاق بينهما على كل المواضيع التي طُرحت على طاولة المباحثات. وكما هو معروف، لم يمس هذا الأمر بالعلاقات الودية التي تعززت خلال أيام الزيارة، كما لم تمس طبعا بالجسر السياسي والأمني الذي يربط بشكل دائم وثابت بين الولايات المتحدة وبين دولة إسرائيل.
لقد خرج رئيس الحكومة أولمرت بخلاصة مفادها أنه إذا كان يرغب في تعزيز الجسر السياسي والأمني الذي يربط بين الدولتين، فإن عليه الامتناع عن القيام بخطوات من شأنها زعزعة سلامة هذا الجسر. هذا هو أيضا السبب وراء قيام أولمرت فورا بإدخال مجموعة من التغييرات على خطابه، وتعهده خلال حديثه مع الرئيس بوش بعقد لقاء مع أبو مازن واستئناف المحادثات مع الفلسطينيين. وفي المقابل وعد أيضا، في هذه المرحلة، بإرجاء خطة الانطواء لفترة زمنية محددة، وأنه في حال جرى تنفيذ هذه الخطة فإنها لن تأتي على حساب "خارطة الطريق".
صحيح حتى الآن أن نحو خمسين في المائة من مجمل السكان اليهود في الدولة يرفضون "خطة الانطواء". فهل سيستخلص رئيس الحكومة العبر؟ هذا السؤال سيُطرح أيضا على رئيس الحكومة عند عودته من زيارته الى الولايات المتحدة.
كما هو معروف، فإن زيارة التعارف حققت هدفها العام. لكن في حال قمنا بفرطها الى تفاصيل، فمن الصعب عندها القول أن أولمرت عاد مع رزمة انجازات في يده. فهو تعلم من "المصدر الأول" ما هو حجم الفارق بين واشنطن والقدس. صحيح أنه ثمة علاقة ودية، وهي بقية متينة كما في السابق، لكن في المواضيع السياسية، الأمنية وفي مواضيع الحدود، مساحة الاختلاف أكبر من مساحة الاتفاق. من المهم أن نتذكر هذه الحقيقة، وأن نستعد للغد على أساسها.