ثلاثة نماذج فقط .. أو صور تعيد الذاكرة للون الأسود القادم من حزيران، لكنه لم يكن بعيدا عن روح ترافق الهزيمة، وتحلم بالهروب خارج مساحات العجز ... صور في النهاية ذكرى لم لم يعايش ما حدث....

محمود درويش
وليكن…

لا بد لي أن أتباهى، بك، يا جرح المدينة
أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينة
يعبس الشارع في وجهي
فتحميني من الظل ونظرات الضغينة

أمل دنقل

تسألني بائعة الكبريت
عن أعداء الوطن المقهور متى يأتون
فقلت لها نامي
فعدو الوطن المقهور سيختتن الليلة تحت جدار المبكى

أيتها العرافة المقدسة
جئت اليك مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلي، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة
عن صور الأطفال في الخوذات... ملقاة علي الصحراء
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء
فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة
عن الفم المحشو بالرمال والدماء
أسأل يازرقاء
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدار
عن صرخة المرأة بين السبي والفرار
كيف حملت العار
ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟ دون أن أنهار؟
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة؟
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي بالله باللعنة بالشيطان
لا تغمضي عينيك، فالجرذان
تلعق من دمي حساءها .. ولا أردها
تكلمي لشد ما أنا مهان
لا الليل يخفي عورتي .. ولا الجدران
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدها
ولا احتمائي في سحائب الدخان
.. تقفز حولي طفلة واسعة العينين.. عذبة المشاكسة
كان يقص عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادق
وحين مات عطشا في الصحراء المشمسة
رطب باسمك الشفاه اليابسة
وارتخت العينان
فأين أخفي وجهي المتهم المدان؟
والضحكة الطروب: ضحكته ..
والوجه .. والغمازتان

عيد باية حال عدت يا عيد
بما مضي أم لأرضي فيك تهويد؟
نامت نواطير مصر عن عساكرها
وحاربت بدلا منها الأناشيد
ناديت: يا نيل هل تجرى المياه دما
لكي تفيض، ويصحو الأهل ان نودوا؟
عيد بأية حال عدت يا عيد؟

نزار قباني

اذا خسرنا الحرب.. لا غرابة
لأننا ندخلها
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه
لأننا ندخلها
بمنطق الطبلة والربابه

لم يدخل اليهود من حدودنا
وإنما تسربوا كالنمل من عيوبنا