تبيَّن للمهتمّين والمتتبعين لشبكات الانترنت, وجود مؤسسات علمية احصائية ترصد وتلاحق على صفحاتها بمنتهى الجدِّية والموضوعية أموراً وقضايا ومسائل تساعد الباحثين على إيجاد التفسيرات والتعليلات المنطقية, للعديد من الاشكالات والموضوعات الاجتماعية والنفسيّة... وذلك ارتكازاً على متابعات عميقة جادة, مثل دراسة الاسباب والمؤثرات التي تؤدي بشعبٍ ما, أو جماعة ما, الى استعمال بعض التعابير اللغوية المعيَّنة وتكرارها في مختلف المجالات تبعاً لطبيعة المواقف والحالات. من هذا المنطلق, لاحَظَت شبكة «غوغل تريندز» عبر متابعاتها الاحصائية, أن أكثر الناس استعمالاً لكلمة «وحيد» على شبكات الانترنت, هم شعب «إيرلندا»!!

وبمجرد معرفة هذا الأمر, ابتدأت الأبحاث وَفُتحَ العديد من ملفات الشؤون والشجون الايرلندية على كافة المستويات الاجتماعية, الاقتصادية, الثقافية, السياسية... وبشكل عام, فإن الايرلنديين يتمتعون بثروات جديدة واستقبلوا العديد من المهاجرين الاغنياء والمستثمرين بعد أكثر من ربع قرن من التدهور الاقتصادي, و نشرت مجلة «الايكونوميست» عام 2004 ان ايرلندا هي افضل مكان في العالم من حيث «نوعية» الحياة. ومع ذلك فقد بَرَزَ لدى الايرلنديين وبشكل مستفحل وظاهر الشعور الحاد «بالوحدة»! وبنوع من الاحساس «باليتم الاجتماعي او الحياتي»!! وتلاهم في هذه الحالة سكان «نيوزيلندا».

ولقد تبين على صفحات الشبكة المذكورة ان شعب «سنغافورة» يستخدم بكثافة كلمة «سعادة» وأينما كان, ولكنها دائما مرفقة بعبارة «البحث عنها»!! او «السعي اليها», واعتبارها فردوساً ضائعاً مفقوداً, صعب التحقيق وعصي المنال!

وهكذا, فإن عمل «غوغل» البحثي­ الموسوعي, يرتكز على احصاء عدد الكلمات والالفاظ الاكثر شيوعاً واستعمالاً لدى الشعوب, وذلك لكشف سبب الشيوع ومدى ارتباط الكلمة أو اللفظة بنمط العيش والطموح وطبيعة ومزاج ونوازع مجموعة الناس موضوع الاحصاء.

وما تقوم به «غوغل تريندز» يقودنا من باب «حشرية المعرفة» الى كشف المخبَّأ والمستور عند قومنا العَرَب, سيما وأننا كشعب عُرِفَ منذ القديم بشطارته وبراعته ومهارته في ابتكار واستعمال «التشابيه» وفنون «التورية» واطلاق الكلمات والألفاظ والرموز والعناوين «الملتبسة»!!
ولَعَلَّ هذا الإحصاء يوصلنا الى تشخيص أحوالنا من خلال رصد أكثر الكلمات تداولاً بين الأفراد والجماعات, من قبل كافة أصحاب المراتب والرتب, ورجالات الحكم وجهابذة الأنظمة العربية. واكتَشَفَت «غوغل» واكتشفنا معها أن كلمة «تضامن» هي اكثر الكلمات شيوعاً ورواجاً واستعمالاً عند العَرَب!!

فإذا كانت كلمة «وحيد» أو كلمة «وحدة» المستعملة بغزارة عند الايرلنديين, كانت قد بيَّنت وَبَرهَنَت مدى فداحة الشعور بالعزلة لدى الفرد وبُعدِه عن الآخر, وشدة مرارة التشتت «الروحي» الذي يعانون منه جميعاً.
فهل تكون كلمة «تضامن» التي اجتاحت الألسنة العربيّة من محيط الأمة الى خليجها, وبمنتهى تجليَّات الكذب والرياء والمراءاة والنفاق, هي البرهان والدليل على تكاتف وتعاضد وتماسك وتآخي وتلازم مسارات... العرب؟؟؟
إن هذه الكلمة وما يعادلها في الاستعمال اليومي المكثف, قد خالفت جذرياً نظرية «غوغل» ومسحت بها الأرض, بالطول وبالعرض!
قال تضامن... قال... كبِّر عَقْلَك يا أخي, أنسِيَت أو تناسَت شبكة «غوغل» بأننا عَرَبْ, العولمة والعصر الحديث!!؟؟