يتضمّن القرار ,1686 الذي صدر عن مجلس الامن، أمس الاول، مجموعة من الإشارات التي ترتّب على الحكومة استحقاقات، لا بدّ من الاحتساب لها.

ذكّر في المقدمة بالقرار ,1373 الخاص بمكافحة الارهاب، والصادر عن مجلس الامن في 28 أيلول .2001 هذا يعني ان المحكمة ذات الطابع الدولي، قد تعتمد القانون اللبناني، بعد إدخال التعديلات المطلوبة على قانوني الاعدام، والعفو. إلاّ ان الاصول التي ستتبع، عند إصدار الاحكام، ستأخذ بعين الاعتبار ما نصت عليه القرارات الدولية الخاصة بمكافحة الارهاب، من عقوبات، خصوصاً ان بعضها (القرار 1566)، قد صدر وفقاً للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة؟!
يُعيد مجلس الأمن التأكيد، في مقدمة هذا القرار، على إدانة جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وكذلك <جميع الهجمات الأخرى التي وقعت في لبنان منذ الاول من تشرين الاول، 2004>.
لم تعد الإدانة، مجرد موقف مبدئي، تعاطفي، بل ارتقت إلى مصاف الفعل، بعد موافقته على ان تواصل لجنة التحقيق <مدّ السلطات اللبنانية بالمساعدة التقنية في تحقيقاتها في الهجمات الارهابية الاخرى، متى ارتأت ذلك مناسباً، ومنسجماً مع ولايتها>.

حرص المجلس، على تحميل الحكومة مسؤولية مباشرة، في كل ما اتخذه من خطوات إجرائية بموجب القرار ,1686 إذ أكد على أن توسيع <ولاية اللجنة لتشمل الهجمات الارهابية الاخرى>، قد تمّ بناء على طلب منها (الحكومة اللبنانية). كما أن تمديد ولاية اللجنة الى 15 حزيران ,2007 قد تمّ أيضاً بناء على طلبها، وهذا يعني أنها بقدر ما هي شريكة في صنع القرار، ستكون شريكة، في تحمل النتائج، والتداعيات؟!

ويجتهد عدد من الدبلوماسيين في القول، إن الفقرة هذه، قد صيغت باسلوب مرن، واستخدمت عبارات، قابلة لكل تفسير ، واجتهاد، وهذا يعني ان الدول الكبرى، حرصت عن سابق تصوّر، وتصميم، ان يأتي الاسلوب مطاطاً، لكي تصح كل التفسيرات، والاجتهادات، وتصلح معها كل أنواع الضغوط التي قد تحتمها لعبة المصالح.

ويسري هذا الاجتهاد أيضا، على موافقة المجلس على تمديد ولاية اللجنة الى عام، ينتهي في 15 حزيران من العام المقبل، في حين ان التمديد كان يحصل سابقاً، لفترة ستة أشهر فقط؟!
لقد أخذت <هذه التوصية> بعين الاعتبار، مجموعة من التوقعات التي تمّ احتسابها بدقة. يفترض خلال هذا العام أن تصبح المحكمة ذات الطابع الدولي، حقيقة قائمة، مستوفية كافة الشروط، وقادرة على الإمساك بملفّ التحقيق بجدارة، ومن ألفه حتى يائه؟! كما يحق للجنة أن تُنجز عملها في أي وقت، وقبل انقضاء مهلة السنة، ولذلك أوصاها مجلس الامن، ان تواصل في تقديم تقارير إليه، عن <التقدّم المحرز في التحقيق بشكل فصلي، أو في أي وقت آخر ترتأيه مناسباً؟!>.
وفي المحصلة النهائية، ان القرار ,1686 لا يقدم جديدا متميّزا عن القرارين 1644 (15 كانون الاول 2005)، و1664 (29 آذار 2006)، سوى التأكيد على <خصخصة> الامن في لبنان، وفق مقتضيات لعبة مصالح دول الرعاية، ودائماً تحت مظلة مجلس الامن، وتحت شعار <مدّ بساط لجنة التحقيق، ليظلل كل الجرائم التي ارتكبت، منذ تاريخ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، لغاية اليوم؟!>.