د. ثائر دوري

إن أكثر الكلمات تكراراً منذ عقد من الزمان هي كلمة "الإرهاب" . لكنها أكثر كلمة بحاجة للتعريف . فما هو الإرهاب و من هو الإرهابي ؟

إن الشخص الملزم بتعريف كلمة "الإرهاب" و تحديد من هو الإرهابي هو الشخص الذي يستخدم هذه الكلمة أكثر من غيره . و لا أعتقد أن أحداً يجادل بحقيقة أن الولايات المتحدة و حليفاتها الغربيات و على رأسهن دولة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة هم أكثر مستخدمي هذه الكلمة . و يأتي بعدهم بمسافة بعيدة بعض من أنظمة و مثقفي العالم الثالث ، الذين يرددون هذه الكلمة كالببغاوات كي يتماثلوا مع سيدهم الأمريكي لأن حلم العبد أن يقلد حركات و تعابير سيده .
فإذا سألنا الأمريكي عن تعريف الإرهاب ، و من هو الإرهابي ؟ فبماذا سيجيب ؟

هل سيقول لنا : هم أعضاء منظمة القاعدة ؟ لكن القائمة الأمريكية أكبر من ذلك . فهي تضم كثيراً من المنظمات من اليسار إلى اليمين و كثيرا من الدول و الأفراد .

هل سيقول لنا إن كل من يستهدف المدنيين هو إرهابي ؟ عندها تكون أمريكا هي أكبر إرهابي فهي أكثر من استهدف المدنيين ، من هيروشيما و ناغازاكي و القصف الوحشي لدرسدن وصولاً إلى ما تمارسه اليوم في العراق من استهداف للمدنيين . و كذلك حال الحليف الصهيوني الذي ينحصر جهده الحربي اليوم في غزة باستهداف المدنين . و سجل الحليفات الغربيات بهذا المجال ليس بأفضل ، فبريطانيا قصفت القرى الكردية في شمال العراق في العشرينات من القرن الماضي بغاز الخردل ، و فرنسا شنت حرب إبادة ضد المدنيين في الجزائر ...الخ . و بالطبع هذه مجرد أمثلة بسيطة فاستهداف المدنيين من قبل القوى الغربية يحتاج إلى كتب . بل مجلدات لإحصائه .

إذاً من هو الإرهابي و ما هو الإرهاب ؟
قد يجيبون بعد أن فشلت الأجوبة السابقة . إن الإرهابي هو من يستخدم القوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية . و هذا التعريف بدوره أكثر ما ينطبق على ما تفعله الولايات المتحدة في العراق ، و على ما يفعله الكيان الصهيوني في فلسطين ، و على ما حاول فعله و فشل في لبنان .
و يبقى جواب سؤال من هو الإرهابي ، و ما هو الإرهاب بنظر الولايات المتحدة غير مقنع . أما بالنسبة لنا فالإرهابي الكبير هو الذي يحتل الدول و يدمر المدن و يقتل الشعوب .

أنقل عن غيفارا ما يلي :
(( ..........و الآن أود أن أورد للضعفاء ، لأولئك الذين يتملكهم الخوف ، لأولئك الذين يفكرون بأننا في وضع وحيد في التاريخ ، في وضع ميئوس منه ، لأولئك الذين يؤمنون بأننا إذا لم نتوقف أو إذا لم نتراجع فإننا هالكون ، أود أن أورد لكل هؤلاء حكاية قصيرة لخيزوس سيلفا هيرزوغ الإقتصادي المكسيكي واضع قانون نزع ملكية البترول ، و الذي يتحدث على وجه الضبط عن الفترة التي عاشتها المكسيك عندما كان الرأسمال الدولي مزدهراً أيضاً ، و هي حكاية تلخص كل ما قيل عن كوبا . و إليكم الحكاية : (( قالوا طبعاً إن المكسيك صارت بلداً شيوعياً . لقد ظهر شبح الشيوعية . و روى السفير دانييلز ، في الكتاب الذي أشرت له في محاضراتي السابقة . أنه مسافر إلى واشنطن في هذه الأيام الصعبة . و أن سيداً انكليزياً حدثه عن الشيوعية المكسيكية ...........

يسأل دانييلير السيد الإنكليزي قائلاً :
 من هو الشيوعي ؟
يجلس الإنكليزي في مقعد وثير ، و يفكر ، ثم ينهض و يحاول أن يجد تعريفاً لكن التعريف لا يعجبه فيعود للجلوس ، و يفكر ثانية ، و يبدأ عرقه يسيل ، فينهض من جديد و يعطي تعريفاً جديداً ، و هذا التعريف لا يعجبه أيضاً . و يستمر الترويض حتى ييأس أخيراً فيقول لدانييلز :
 سيدي الشيوعي هو شخص يغيظنا . ))

و لا يختلف الحال اليوم عن ذلك الزمان فلو امتلك أي ديبلوماسي أمريكي صراحة هذا السيد الإنكليزي لفعل مثله عندما يسأل :
 من هو الإرهابي ؟
عندها سيقف ، ثم يجلس ، ثم يفكر من جديد . و أخيراً سيقول لك :

 الإرهابي هو كل من يقف ضد مصالحنا .
إن كلمة "إرهابي " ليست فريدة في التاريخ بل لها أسلاف كثر من الكلمات مثل "متوحش " ،"غير متحضر" ، "قرصان" ، "شيوعي " . و هي كلمات استخدمها الغربيون عند اجتياحهم أمريكا و آسيا و أفريقيا للقيام بمهمة انتدبهم الرب إليها و هي تحضير المتوحشين و لو عن طريق قتلهم ، و النسخة المماثلة اليوم لمهمة "التحضير" هي حكاية نشر الديمقراطية و لو عن طريق قتل الشعوب أيضاً .

لقد استعملوا كلمة لص و قرصان لوصف كل من حارب سيطرتهم البحرية في الخليج العربي في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر. أما اليوم فحلت كلمة
" إرهابي " عندهم مكان كل الكلمات السابقة . فكل من يحارب هيمنة الغرب هو :
غير متحضر ، همجي ، قرصان ، دكتاتور ، شيوعي ، إرهابي ...........