معاريف

نداف إيال

عندما شرح رجال شارون مبررات الانسحاب الأحادي الجانب الأول في قطاع غزة، حرصوا على القول أن الامر لا يتعلق ببادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين. وفي الجلسات المغلقة حرصوا على اختيار كلمات ملطفة كعادتهم: "سنخرج من هناك وسنضربهم، نضربهم ونخرج". بهذه الشدة تم إسكات معارضي الأنا الإسرائيلية التي عرفت جيدا في قرارة نفسها، أن الانسحاب جاء نتيجة مباشرة للضربة القاسية التي تعرضت لها إسرائيل في الانتفاضة الثانية، ومن هنا فإن هذا الفشل الواضح جدا، تم تغليفه من قبل الأمنيين بورقة شفافة وبكلمة "فك إرتباط". مشكلة الأنا حُلت، والجمهور قبضها.
لكن الوقائع التاريخية واضحة جدا: لقد بدأت إسرائيل بعملية سريعة للخروج من المناطق الفلسطينية، وتعهدت حكومتها بأن الانسحاب من غزة سيكون الخطوة الأحادية الجانب الأخيرة، لكن حكومتها الجديدة أعلنت عن إنسحاب آخر. والمؤشرات تدلل على ديناميكية جارفة نحو تنفيذ إنسحاب.
ثمة من يقول أنه لا يوجد أي خطر، وبالتالي ستحصل إنسحابات أحادية الجانب: وربما حسب هؤلاء، هي الطريق الأكثر فعالية، من أجل فصل القوات وبدء التطبيع، وهذه الرؤية كارثية وقصيرة النظر.
يوجد طرفان لديناميكية الانسحاب ، أما في الجانب الفلسطيني فإن أبعاد هذه الخطوة هي أن العنف هو الذي أدى الى هذا الانتصار، نعم العنف لا الحوار. والخطر الأكبر هو الخمول في مكافحة العنف، الذي تعزز مع الانسحاب الأحادي الجانب، والذي من شأنه أن يجر الفلسطينيين الى شمولية مطلقة، وتطرف يؤدي الى عدم الاكتفاء بحدود العام 1967. وهذا ما يعتقدونه في الليكود وكذلك أيضا في ميرتس.
يمكن التفكير ببدائل أخرى. إذا كانت الحكومة الحالية تؤمن فعلاً بأنه الاحتفاظ بغالبية المناطق في الضفة يتعارض مع المصلحة الوطنية، فهي بإمكانها أن تقول للفلسطينيين ذلك وبعد ذلك تبدأ بالتفاوض على إنسحاب باتفاق وتنسيق كامل. لكن يوجد مشكلة أساسية في هذا الحل، إذ سيبدو على المستوى الداخلي كهزيمة، لذلك فإن العملية المطروحة هي بمثابة عقاب للفلسطينيين: إذا لم تتفاوضوا معنا وتتنازلوا، يا ويلكم، نحن سننسحب من دون مفاوضات.
في العام 1973 قررت الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء تورطها في فيتنام ، ووقعت على اتفاق باريس. إدارة نيكسون كانت تدرك جيدا أن الاتفاق قد لا يتم إحترامه بشكل كامل (وهذا ما حدث). لكن الأمريكيين أدركوا أنه من الأفضل لهم أن يوجد إتفاق مع الطرف الثاني الذي يخرق الاتفاق، على أن ينسحبوا من دون إتفاق، سواء كان ذلك من الناحية العسكرية، أو الدولية. إنه درس كبير!
ربما أن مسار الأحادية الجانب، هو أمر لا مفر منه، لكن هذا الامر لا يتم نقاشه بشكل جدي وحقيقي. مسار الأحادية الجانب، تم تقبله كأفضل حل من بين الحلول الأخرى، بل وربما الحل الوحيد. وهو في الواقع ليس على هذا الشكل: إذا أرادت إسرائيل أن تنهي سيطرتها على غالبية المناطق الفلسطينية، فإن عليها على الأقل أن