السفير

للمرة الأولى في تاريخ اكثر من 50 سنة من علاقات التسليح الاميركي لتركيا، لا توجد حاليا عقود لمبيعات عسكرية اميركية إلى الاتراك، ما يشير إلى وجود خلافات جدية بين الشريكين التقليديين.
ويشير محللون ومصادر دفاعية تركية إلى أن بين واشنطن وأنقرة اليوم خلافات دبلوماسية وتقنية، تتعلق بطموح تركيا للسيطرة على التكنولوجيا العسكرية، كما أن العلاقات الدفاعية بين الدولتين في اقل مستوى لها بعد رفض أنقرة استضافة قوات اميركية لغزو العراق في العام .2003
وتتنافس الأسبوع المقبل شركات من روسيا وفرنسا وايطاليا وأفريقيا الجنوبية على صفقة بملياري دولار لبيع مروحيات هجومية إلى تركيا، في حين ان الشركات الاميركية <بيل هليكوبتر تكسترون> و<سيكورسكي> و<بوينغ> لم تقدم عروضا للفوز بهذه الصفقة.
وكانت انقرة وضعت شروطا تتضمن الحصول على الشيفرات الكاملة الخاصة بالمروحيات، وهو الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة خطرا امنيا، وبالاضافة الى تعهد خطي من حكومة دولة المورد للاسلحة بأنه لن يكون هناك عقبات سياسية أمام تصدير الأسلحة إلى أنقرة.
ووضعت تركيا الشروط الجديدة العام الماضي بعد انهيار صفقة في العام ,2004 مع شركة <بيل هليكوبتر تكسترون> حول طوافات <كوبرا الملك>، وهي النسخة التركية من <سوبر كوبرا> التي يستخدمها الجيش الاميركي، بسبب السعر ونقل التكنولوجيا ومشاكل في رخصة العمل.
ويقول الخبير في مبيعات الأسلحة في <معهد السياسة العالمية> ايان كوثبرتسون إن <انهيار صفقة واحدة ليس كارثة، إلا انه إذا واصلت تركيا تشددها في محاولة الحصول من الموردين الاميركيين على صلاحية مطلقة في استخدام تقنيات محلية، بدلا من تقنياتهم، ووضع شروط مستحيلة، فإن موردي الأسلحة الاميركيين لا يمكنهم الدخول في مناقصات تركية، وبالتالي فإنهم سيوقفون ضغطهم على البيت الأبيض والكونغرس>، مضيفا <ستخسر الشركات الاميركية مشروعا تجاريا، وتركيا ستخسر حلفاء أقوياء في واشنطن>.
وازداد قلق تركيا حيال ضرورة التحكم بتكنولوجيا الأسلحة بعد أن واجهت حصارا على بيعها الأسلحة من دول عديدة بسبب اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان خلال محاربتها المقاتلين الأكراد، فيما تطالبها واشنطن بتحقيق تقدم في قضية حقوق الإنسان كشرط لبيعها أسلحة. كما يتذكر العسكريون الأتراك بمرارة الحظر الاميركي على بيعها السلاح بعد اجتياحها قبرص، في العام ,1974 حيث قامت ليبيا بتأمين القنابل وقطع الغيار لتشغيل طائراتها الاميركية.
واليوم، تحاول تركيا امتلاك مروحيات تستطيع استخدامها بحرية، خصوصا ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، من دون المخاطرة بإمكانية تدخل خارجي في معرفة مهمة المروحية عبر الاطلاع على ما يحتويه الكومبيوتر الخاص بها، أو وجود عقبات سياسية قد تضعها واشنطن على كيفية استخدامها.
إلى ذلك، ذكر تقرير ل<مجلس العلاقات الخارجية> في نيويورك، أن على الولايات المتحدة السعي لإصلاح العلاقات مع تركيا، التي تعتبر شريكا رئيسيا لواشنطن لا يمكن الاستغناء عنه في العالم الاسلامي.
واعتبر التقرير <أن الشرخ المتزايد بين الغرب والعالم الإسلامي يمثل احد التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة الخارجية الاميركية، وواضعي سياسة الدفاع الاميركيين، ونتيجة لذلك فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، الدولة المسلمة، الغربية الميول والتي تسير نحو الديموقراطية، أصبحت أكثر أهمية استراتيجية من أي وقت مضى>.