بدت صورة الوضع الاسرائيلي والفلسطيني كما نقلتها الصحف الاسرائيلية امس في اعقاب الهجوم الذي نفذه مقاتلون فلسطينيون شديدة التعقيد. فتحدثت عن الخلافات الفلسطينية في شأن الجندي المخطوف بين رئيس الحكومة اسماعيل هنية، المؤيد لإطلاق الجندي وانهاء المسألة في اسرع وقت، وبين القيادات العسكرية التي اعتبرت الجندي "ورقة مقايضة" يجب المحافظة عليها ومبادلتها بثمن سياسي. وتناولت التعليقات امس في صورة اساسية موضوع الإخفاق العسكري للجيش الاسرائيلي، وكتب زئيف شيف: "النواحي السياسية المعقدة لا تحجب الاخفاق العسكري للجيش. علينا، ان نعترف ان المهاجمين اظهروا شجاعة ونجحوا في مهمتهم. ثلاث خلايا تحركت بجرأة وفاجأت ركاب دبابة "ميركافا" وهاجمتها من الخلف. ورغم التحذيرات المتكررة للجيش من استخدام المهاجمين للأنفاق فقد أخفقت في المواجهة".

الاخفاق الثاني الذي كشفه الهجوم الأخير هو سقوط نظرية "الجدار الفاصل" وانهيار المغزى الأمني للانسحاب الاحادي من غزة، لا سيما في ظل الكلام عن إعداد الجيش العدة لعملية عسكرية اسرائيلية في غزة شبيهة بعملية "السور الواقي" التي نفذها الجيش في الضفة قبل ثلاثة اعوام. وربما كان اهم انعكاس للأحداث الأخيرة هو سقوط خطة الانسحاب الاحادي الجديد الذي يعد له اولمرت من مدن الضفة. السيناريوهات المتشائمة هي التي تحققت.

كتب يارون لندن في "يديعوت احرونوت": "علينا الاعتراف بان تحذيرات المعارضين للإنسحاب من غزة قد تحققت. فالانسحاب لم يقلص من قوة المواجهة، ورغماً عنا نرسل من جديد جيشنا الى الاماكن التي غادرها.

لقد جرى تهريب كميات ضخمة من السلاح الى مداخل غزة المخترقة، كما تحسنت القدرة العسكرية للارهابيين. لقد استطاع الجدار كبح مئات محاولات التسلل لكنه لم يستطع ان يضمن الهدوء فصواريخ "القسام" تطير فوقه والمخربون يتسللون من تحته. والأخطر من هذا ان الفلسطينيين لم يستخدموا حريتهم النسبية من اجل تحسين وضعهم. فالاراضي التي اقيمت عليها المستوطنات اليهودية في غزة والتي تشكل 5 في المئة من القطاع، والخيم البلاستيكية لم تستخدم لمصلحة السكان، ولم يشيد شيء فوق الأماكن التي دمرت باستثناء معسكرات التدريب للمخربين. المجتمع الفلسطيني لم ينجح في اختبار الحكم الذاتي الذي منح له، فهو مشرذم ومضطرب وشرس مثلما كان. علينا الا نتعلق بالآمال في أن شيئاً ما سيخرج من التفاوض مع "ابو مازن"، فهذا الرجل الطيب غير قادر على التغلب على التيارات القوية التي تجر الفلسطينيين نحو الهاوية. من المفيد ان نتحدث معه كي تسجل دول العالم اننا فعلنا ذلك ولكن المسائل المطروحة علينا ليست سياسية وانما عسكرية: ماذا نفعل لتقليص الهجمات؟ منذ الآن سنفعل ما تفعله الدول عندما تخترق اراضيها وتنتهك سيادتها. فهي ترد باطلاق النار على مصادر النار اينما كانت. ان التهديد بهذا التكتيك هو السبيل للمساومة على مصير الجندي المخطوف. لا نقبل مبادلته بمخربين اسرى وانما بخطف روح الذين يرسلون المخربين ويتسترون عليهم ويروجون لهم".