رفعت النجار. من خان يونس. 57 عاماً. 24 منها في السجن. طبعاً، السجن الاسرائيلي. بدأ عضواً في الجبهة الشعبية، قيادة جورج حبش. ثم انتقل من القومية العربية الى اليسار القومي، طالبا شيئاً من فلسطين وشيئاً من الكرامة البشرية. العقاب كان السجن. سجن الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. طبعاً حزرت. اسرائيل.

كان رفعت النجار في الثالثة والعشرين عندما دخل السجن العام 1968. خرج العام 1985 ثم اعيد بعد عامين ليخرج مع اتفاقات اوسلو العام 1994. هذه روايته عن سجون الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، كما رواها للصحافي تشارلز غلاس في «القبيلة المنتصرة».

في البداية تعرضنا للتعذيب بوسائل عديدة. بالإضافة الى التعذيب الجسدي كان هناك التعذيب النفسي. كانوا يتركوننا بلا طعام. وكانوا يصعبون علينا الخروج الى بيت الخلاء فيفعلها بعضنا في الزنزانة. لم تكن هناك مراحيض في الزنازين. كانت هناك قصعة. وقصعة اخرى للشرب. ثم كان هناك الضرب بالعصي والأسلاك. احياناً للاستجواب وأحيانا لغير سبب. كانوا يعروننا ويتركوننا عراة. وفي الشتاء نغتسل بمياه باردة. وبعض السجان كانوا يدخلون العصي في اقفيتهم. كانوا يمنعوننا من النوم ويحرقون جلودنا بالسجائر. وذات مرة ادخلوا عصا في الاسير الشاب عبد الوهاب المصري. تألم وادمع ومات.

«اعلنا الاضراب عن الطعام 22 يوماً. كنا ننام على الارض. وكانوا يعطوننا ما يسمونه بطانيات. لا فرش ولا وسائد. اعطونا اسفنجة سمكها نصف بوصة لكي نسند رؤوسنا اليها (...) ثم نقلونا الى سجن آخر. الزنزانات مبنية كلها بالاسمنت لإحكام الظلام الدامس. 12 سجيناً لكل زنزانة. كان علينا النوم على الجانب. وإذا خطر لأحدنا ان يقف في الليل لم يكن في إمكانه العثور على مكان للاستلقاء بعد ذلك. استمر الوضع كذلك الى ان اعلنا الاضراب عن الطعام ونقلنا الى سجن نفحة. كانوا يحضرون لنا طعاماً فيه فئران وحشرات. وكان هناك فريق طبي معه ماء ساخن مالح وزيت خَرْوَعْ. وكانوا يربطوننا الى الكراسي ويضعون انابيب تصل الى امعائنا وفيها الماء الساخن المالح وزيت الخروع. طبعاً من الانوف. كان ذلك يؤدي الى الاصابة بالإسهال. ثلاثة منا ماتوا بالإسهال: علي الجعتري، وأبو جمال مراغة وراسم حلاوة.

«الكثيرون اصيبوا بالشلل. انتهى الاضراب في نفحة بعد 34 يوماً. قبل ذلك، في اليوم الثامن، وضعت في حفرة وأوثقت. وطلب مني الضباط انهاء الاضراب فقلت انني لا استطيع. فضربت. ضربوني بشدة لمدة ساعة. سمعت صراخ رجل آخر. تركوني في الزنزانة ثم احضروه. كان أكبر مني سناً ويدعى يوسف عطا الله. تركوني معلقاً فوق الارض. ثم دخل محقق. واحضروا سجناء آخرين لكي يشهدوا ضدهما. شهادات كاذبة من نوع محاولة الفرار او كسر زجاج السجن. لم ارد ان انفي. فقط استطعت الصمود 24 عاماً».