الشرق الأوسط

أدت المناقشات بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ونظيرها الروسي سيرغي لافروف الى احتدام الجدال الليلة قبل الماضية في موسكو حول صياغة فقرة تتعلق بالعراق في البيان الختامي لـ «مجموعة الثماني».
«اسمعي كوندي، كوندي»، قال وزير الخارجية الروسي عندما بدت رايس مستاءة من رفض احد اقتراحاتها، كما اتضح من كلامهما خلال مأدبة الغداء التي شارك فيها وزراء خارجية المجموعة، ووصلت أصداؤه عن طريق الخطأ الى الصحافيين، لأن أحدا نسي أن يقفل مكبرات الصوت. فخلال المناقشات التي استمرت عشرين دقيقة واتسمت بالحدة أحيانا، استأثرت رايس ولافروف بمعظم المحادثات التي دارت باللغة الانجليزية. وتمحور خلافهما الأول حول الإشارة الى «عملية الاغتيال الوحشية للدبلوماسيين الروس الخمسة في العراق». لم توافق رايس على الجملة الأخيرة في القرار الذي ينص على «اتخاذ تدابير عاجلة لتوفير أمن الدبلوماسيين»، وقالت لنظيرها الروسي: «هذا يعني انه لا يتم عادة اتخاذ تدابير أمنية للدبلوماسيين، وأنت تعرف أننا نخسر جنودا باستمرار. وستكون مهينة الاشارة الى أن هذه الجهود لا تبذل». وأشارت الى أن الدبلوماسيين ليسوا وحدهم الذين يعانون من العنف في العراق. وأكد لافروف انه لم يقصد توجيه الإهانة الى احد، وشكر للأميركيين والكنديين جهودهم التي بذلوها للإفراج عن الدبلوماسيين الذين قتلوا هذا الأسبوع بعد خطفهم، لكنه أضاف ان «على وزارة الداخلية العراقية ان تولي البعثات الدبلوماسية الأجنبية مزيدا من الاهتمام»، وقال: «اذا كان هذا يزعجك، نستطيع ان نوجز الفقرة ونقول إن من الضروري تحسين أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية». وردت وزيرة الخارجية الأميركية بحزم: «سيرغي، يجب تحسين الأمن في العراق، نقطة على السطر!»، مضيفة: «المشكلة لا تقتصر على البعثات الدبلوماسية». وحاول لافروف مقاطعتها، لكن رايس منعته من ذلك. وقالت: «افهم ان هذه الفترة حساسة جدا» للروس، «لكننا لا نستطيع ان نوحي ان ما حصل مسألة معزولة ولا يهتم بها احد». واقترح وزير ثالث، قد يكون الكندي بيتر ماكاي، صيغة تسوية تمت الموافقة عليها. واوضحت النسخة النهائية ان «هذا الحادث المأساوي يشير الى اهمية تحسين الأمن في كل انحاء العراق». ثم طلب لافروف سحب لفظة «اتفاقية» من الفقرة التي تشير الى المساعدة الدولية للعراق، ملمحا الى تدخل بعض البلدان التي لم يسمها في العملية السياسية في العراق.

ـ «ماذا يعني بذلك؟»، تساءلت رايس بحدة.

ـ «تعرفين تمام المعرفة ماذا يعني ذلك»، رد الوزير الروسي بعد صمت طويل.

ـ «لا، لا أعرف».

ثم استمر النقاش بنبرة اقل توترا، واقترحت رايس ان يشير البيان الختامي الى «اتفاقية» من دون تحديد مضمونها، الأمر الذي يعطي الفكرة مزيدا من «الزخم». ووافق الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا على الفكرة وكذلك الوزراء الأوروبيون، ثم وافق لافروف على صيغة التسوية هذه.