معاريف

أوري أفنيري

إن اجتياح أولمرت لقطاع غزة لا يهدف إلى الإفراج عن الجندي الأسير غلعاد شليت. كما أنه لا يهدف إلى وقف إطلاق صواريخ القسام على سديروت. فغلعاد وسكان سديروت هم مجرد "فيش" في هذه اللعبة الخطرة.
هذه العملية تعرّض حياة الجندي المخطوف للخطر. فإذا ما اقترب فعلا الجنود الإسرائيليون من مخبأ مختطفيه عندها قد يُقتل خلال تبادل النار. وهذا ما حصل بالضبط مع الجندي نحشون فاكسمان سنة 1994. لقد أُسر وتم تحديد مكانه من قبل الجيش الإسرائيلي الذي هاجم هذا المكان مما أدى إلى مقتل الجندي خلال تبادل النار. فمثل هذه العملية تُعتبر دائماً مقامرة فظيعة بحياة الأسير.
إن الطريق الصحيحة للإفراج عن الأسرى هي تبادل الأسرى. هذا هو الإجراء المحترم بين القوى المتحاربة. فمهمة ووظيفة الجيش الإسرائيلي هما منع سقوط أفراده في الأسر. وعندما يفشل في مهمته هذه، يتعين عليه أن يدفع الثمن من خلال الإفراج عن المعتقلين لديه. ممنوع على القادة الفاشلين التغطية على العار الذي ارتكبوه في كيرم شالوم من خلال المخاطرة بحياة غلعاد شليت.
إذا كان الأمر كذلك، ما هو الهدف الحقيقي لهذه العملية التي أُعطيت إسماً، بالمناسبة، قبل وقت طويل من الفشل الذي حصل في كيرم شالوم؟
هدف هذه العملية يزداد وضوحاً بين ساعة وآخُرى. أولمرت وبيرتس يريدان تصفية الحكومة الفلسطينية المنتخبة، برئاسة حماس. هذا هو هدفهما من اللحظة الأولى، وغلعاد يُشكل فقط ذريعة مريحة.
إن اعتقال أعضاء الحكومة والبرلمان الفلسطيني هو تصرف أحمق. إذا كان الهدف من ذلك إقناع الجمهور الفلسطيني بإسقاط الحكومة التي اختارها، فإن النتيجة ستكون معاكسة تماماً. ومن أجل فهم هذا الأمر، يتعين فقط أن نتذكر "السبت الأسود" في حزيران 1946، عندما اعتقلت السلطات البريطانية في البلاد كل قيادة "الييشوف" العبري دفعة واحدة.
هل أدى هذا الأمر إلى انهيار القيادة؟ العكس هو الصحيح. فالجمهور العبري كله، بما في ذلك المعارضة من اليمين واليسار، اتحد من حول القيادة. لقد شكل "السبت الأسود" خطوة كبيرة على طريق طرد البريطانيين من البلاد.
هل أن الجمهور الفلسطيني سيتخلى عن حماس لآن "العدو الصهيوني" اعتقل قادتها؟ يقول المنطق البسيط أنه سيحصل العكس، وأن هذا الجمهور سيتحد حولها، كما كان سيفعل كل شعب آخر. هذه الخطوة تُضعف أكثر أبو مازن وفتح. وهي لن تسهم في تحقيق أي هدف إسرائيلي معقول. وكما في كل عملية عسكرية واسعة، تحمل في طياتها خطراً جسيما سيقود إلى كارثة.
لقد تحول إيهود أولمرت إلى رسم كاريكاتوري لشارون. أما عمير بيرتس فتحول إلى ببغاء لدان حالوتس، رجل عنيف ومن دون قيود، يحدد الآن الخطوات لدولة إسرائيل.