بدأت إسرائيل، حربها على غزة، في محاولة منها لتحرير الجندي الاسير «جلعاد شاليت» في اطار ما أسمته اسرائيل عملية «أمطار الصيف». ردا على العملية النوعية التي قامت بها المقاومة الاسلامية والتي اطلقت عليها اسم( الوهم المتبدد).

لاشك ان اسرائيل باستطاعتها ان تحول غزة الى خراب ودمار واشلاء، للضغط على المقاومة الاسلامية لتسليم الجندي بالقوة لكنها لاتستطيع ان تقتحم البيوت في غزة بيتا بيتا لتقول للنساء والاطفال «أين خبأتموه».واسرائيل التي لاتعرف غير القتل والطرد ومصادرة الارض والاعتقالات لاتستطيع ان تفرض واقعا مغايرا على الارض في غزة، ولا تستطيع ان تعيد قواتها الى السيطرة الميدانية من جديد، واسرائيل التي تخاف المقاومة من ان تمتد اكثر فاكثر تقوم باستهداف المسؤولين عنها سياسيين وعسكريين ظنا منها ان هذا الاستهداف سوف يحقق لها الامن ويعزز قدرتها على التعايش مع الواقع العربي الاسلامي.ويقول نائب رئيس الوزراء شيمون بيريز انه «من الواضح أن أوامر الاختطاف جاءت من سوريا، حيث يقيم من يريد تدمير السلام، إن سوريا تستضيف شخصاً يريد إيقاع المزيد من الضحايا وقتل السلام، و نحن متيقظون له أيضا، وأنا أقصد خالد مشعل الذي هو على ما يبدو من أصدر الأمر، وهو الشخص الذي يحول دون الإفراج عن الجندي، وهو يقيم في سوريا علنا».ويؤكد على هذا ايضا السفير الاميركي في تل ابيب ريتشارد جونز : «المشكلة في دمشق وأعتقد أن انتباه العالم يجب أن يتحول الى العاصمة السورية، مضيفاً أن «على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط على سوريا. والإيضاح لها أن هذا التصرف ليس مقبولا».

والسؤال.. لماذا سوريا؟

عملية( الوهم المتبدد) صفعت اسرائيل صفعة مؤلمة، وجعلتها تعيد حسابات كثيرة منها، الفشل الذي منيت به المؤسسة العسكرية في منع العملية رغم التحذيرات بحدوثه، وقدرة اسرائيل على «ردع» المقاومة، وجدوى خطة «الانطواء»، وإمكانية التعايش مع حكومة «حماسية» ترفض الشروط الاسرائيلية، وتصر على الثوابت الفلسطينية دون تنازل.واسرائيل تريد الخروج من هذه الأزمة التي تعيشها، باتجاه أي طرف آخر تحمله مسؤولية الأزمة،- كما تقول دمشق- وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الموجود في دمشق هو من «اخترق الأمن الإسرائيلي»- حسب ما يعتقد المسؤولون الإسرائيلين والأميركيون- من خلفهم، ودمشق هي من «تتحكم» بالوضع الإقليمي وهي التي «تقوض السلام» الإسرائيلي- الفلسطيني، وهي التي «تهدد» اسرائيل مباشرة لمساندتها المقاومة الفلسطينية «الإرهابية» هذا ما تريد إسرائيل إيصاله إلى الرأي العام العربي والعالمي.إذا كان المسؤول السياسي في حركة حماس قادرا على خرق الأمن الإسرائيلي فعلا «عن طريق جهاز التحكم» فإن في ذلك دليلاً قوياً على هشاشة الأمن الإسرائيلي، وعدم قدرته على الصمود أمام المقاومة المستمرة.هذا هو الوهم المتبدد التي أرادت المقاومة أن تثبته.وإذا كانت سوريا هي من «تتحكم» عن بعد بكل هذه الأحداث فإن إسرائيل وأميركا سيحملان العملية برمتها لدمشق بحجة «محاولة زعزعة الاستقرار في المنطقة- دعم الإرهابيين- تعطيل اللقاءات والمفاوضات والمساعدات وبالتالي فهي- أي دمشق- تتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني».

وهكذا تصبح دمشق هدفاً جديداً على خط الأزمة بين حماس وفتح، بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، والإسرائيليون يرسلون رسائل واضحة كي يفهمها الجميع «إسرائيل تريد حشر سوريا والضغط عليها»، إنها ورقة قديمة - حديثة تحاول إسرائيل اللعب فيها خروجاً من المأزق الذي وضعتها به حكومة حماس.وأميركا أيضاً تريد زيادة الضغط على سوريا لتحجيم دورها الاقليمي وبالتالي انخراط دمشق في مشروع شرق أوسط كبير تقوده إسرائيل.